وَلَنْ تُصَادِفَ مَرْعًى مُمْرَعًا أَبَدًا … إِلَّا وَجَدْتَ بِهِ آثَارَ مَأْكُولِ (١)
ومنها: شدَّة الصبوة والميل، ولا يؤمن منها تولد أمور:
أحدها: أن تتحكم عليه وتلتمس منه ما يوقعه في مداخل السوء.
وثانيها: أن تنجرَّ به شدَّة الميل إلى الإغضاء في غير موضعه.
وثالثها: أنها تشغله عن صرف الأوقات إلى العبادات، أو عن استغراب القلب فيها بالله تعالى.
ويقال: إنَّ بعضهم رأى صيَّادًا يُكلَّم امرأة فقال له: يا صياد احذر أن تصاد.
ومن الدَّواعي الغالبة: المال، وإذا كان الداعي إلى النكاح تحصيل المال، والمال غادٍ ورائح، لم يوثق بدوام الألفة عند فناء المال سيما إذا قلَّ الوفاء، وقد قيل: من أَعْظَمَكَ لاستقلالك استَقَلَّك عند إقلالك.
وقوله: "وَتَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ" أي: على ابتغاء الدين أو للدين، وهذه الحروف يقام بعضها مقام بعض، والدين ها هنا يمكن أن يحمل على الملة والتوحيد أي: ارغبوا عن نكاح الكتابيات فهو مكروه، والأظهر حمله على الطاعات والأعمال الصالحة والعفة التي هي من مواجب الملة، وهذا ما يعنيه الفقهاء بقولهم: "إن الدين من خصال الكفاءة".
ونظمها الْبَنْدَنِيجِيُّ منهم فقال: طويل
نَسَبٌ وَدِينٌ ثُمَّ حُرٌّ وَصَنْعَةٌ … سَلَامَةُ عَيْبٍ وَالْيَسَارُ خِلَافِي
فَمَا تِيكهَا سِتُّ شُرُوطِ كَفَاءةٍ … شُرُوطُ ابْنِ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ
(١) البيت من البسيط، وهو للأحنف بن قيس، انظر "المنتحل" (ص ٥٦)، "محاضرات الأدباء" (١/ ٤١١).