وإن مَثَلَكَ يا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى قال: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ (يونس ٨٨) الآية، وَكَمَثَلِ نُوحٍ قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦)﴾ (نوح). ثُمَّ أَمَرَ بِأَخْذِ الْفِدَاءِ (١).
وقوله: "حَتَّى يَعْلَمَ الله" أي: حتى يرى الله، وقيل: حتى يعلم ملائكة الله، وهو مثل قوله تعالى: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ (٢).
ثُمَّ إنَّ الله تعالى عاتبهم على أخذ الفداء ولِمَ عاتب؟
عن الحسن أنَّه عاتب لأنَّه لم يأمر به وإن لم ينه عنه.
وعن ابن عباسٍ وقتادةَ أنَّ هذا كان في مبدأ الأمر وفي المسلمين قلَّة، فلما كثروا واشتدَّ سلطانهم أنزل الله تعالى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ (٣) والإمام يختار ما يراه أصوب وأليق بالحال.
وفي الحديثِ دلالةٌ ظاهرةٌ على فضيلةِ عمر ﵁، ويروى عن ابن عباس أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ: "لَوْ نَزَلَ عَذَابٌ مَا سَلِمَ مِنْهُ إِلَّا عُمَرُ" (٤).
وقوله: "فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ" إلى آخره قولٌ صدرَ عنْ حسنِ الاتباعِ ورعايةِ الأدبِ، يقول: إذا وقفت على سبب بكائكما فإن جاءني البكاء ساعدتكما
(١) رواه أحمد (١/ ٣٨٣) عن أبي معاوية الضرير بنحوه، وابن عساكر (٤٤/ ٥٦) من طريق علي بن أحمد الواحدي.
(٢) محمد: الآية ٣١.
(٣) محمد: الآية ٤.
(٤) رواه الطبري (١٤/ ٧١) بنحوه عن غير ابن عباس.