تُحَدِّثَنَا حدِيثًا لَيْسَ فِيهِ وَهَمٌ وَلَا زِيَادَةٌ؟
فقال لهُ عَمْرٌو: واللهِ لَقَدْ كَبُرَ سِنِّي، ودنَا أجَلِي، وإنِّي لَغَنِيٌّ عَنِ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ وَرسُولِهِ، ولَقَدْ سَمِعتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ سَبْعَ مَرَّاتٍ سَمِعتُهُ يَقُولُ: "إنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: حُقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى المُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحُقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى المُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحُقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى المُتَصَادِقِينَ فِيَّ، وَحُقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى المُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَحُقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى المُتَنَاصِرِينَ فِيَّ" (١).
وفي هذه الرواية زياداتٌ، وروايةُ شُرَحْبِيلَ عن عمرو، وفائدةٌ أخرى وهي تأكيدُ عمرٍو بالسَّمَاعِ من رسول الله ﷺ مراتٍ، واستبعاده التَّرَخُّصَ بالزِّيادةِ والنُّقصانِ على كِبَرِ السِّنِّ.
وقَولُهُ: "وَلا تُحَدِّثنِي عَن أحَدٍ سَمِعَهُ غَيْركَ" قَدْ يُسْتَأنَسُ بِهِ لِلرَّغْبَةِ فِي عُلُوِّ الْإِسْنَادِ.
وقوله: "حُقَّتْ مَحَبَّتِي" يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مَعنَاهُ حُقَّتْ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ إيَّايَ، ويَجُوزُ أنْ يُقَالَ: المَعنَي حُقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْعَبْدِ.
ولَفْظُ المَحَبَّةِ مَشْهُورٌ في الطَّرَفَينِ، قال اللهُ تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ (٢):
أمَّا مَحَبَّةُ العَبدِ للهِ تعالى: فكلُّ مذكورٍ بعلمٍ كاملٍ أو حِذْقٍ في صناعةٍ أو إحسانٍ أو تربيةٍ أو تَنَزُّهٍ عن أخلاقٍ رذيلة محبوبٌ في نفوس ذوي العقول السليمةِ والطِّباعِ المستقيمةِ، ولله تعالى العلم الشامل الذي لا يعزب عنه شيء والقدرة الكاملة التي لا يفوتها ممكن، والإحسان بإسداء النِّعم التي لا ينالها الإحصاء ولا
(١) لم أقف على هذه الرواية. والله تعالى أعلم.
(٢) المائدة: ٥٤.