يحيط بها الاستقصاء، والتَّنَزُّهُ عن الاستواء، والتَّقَدُّسُ عن مُشاكلةِ النظر، فأولى أن يكونَ محبوبًا، ومن عرف جماله وجلاله بقدر ما رُزِقَ أحبه لا محالة، كما قيل:
ومَا كُنْتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشْقُ قَلْبَهُ … ولَكِنَّ مَن يُبْصِرْ جُفُونَكِ يَعْشَقِ (١)
أمَّا مَحَبَّةُ اللهِ تعالى الْعَبْدَ: فقد قيل: هي راجعةٌ إلى الثَّوابِ والثَّناءِ.
وقال الإمام الغزالي ﵀: هي تصفيةُ قلبِ العبدِ، ورفعُ الحجابِ عنه حتى يرى بقلبه ربه.
وفي الحديث أنَّ المَحَبَّةَ والمصافاة الباطنة والمزاورة والمداخلة الظاهرة، والمواصلة التي هي أعمّ منها مهما كانت لله تعالى رتبةً عظيمةً وفضيلةً جسيمةً، والأحاديث بذلك متظاهرةٌ والترغيبات متوافرةٌ.
أنَبَا طَاهِرُ بنُ مُحمَّدٍ في كِتَابِهِ، عن أبِيهِ قَالَ: أنَبَا أبو مُحَمَّدٍ بنُ الخَطِيبِ، أنَبا أبو القَاسِمِ، أنَبَا عَبدُ اللهِ بنُ مُحمَّدٍ، ثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعدِ، ثَنَا شُعبَةُ، عَن يَحيَى بنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَن عَمرِو بنِ مَيمُونٍ، عَن أبي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ﷿" (٢).
وأنَبَا طَاهِرٌ كَذَلِكَ عَن أبِيهِ قال: أنبا إبراهيمُ بنُ عُثمَان المُعَدَّلُ قال: أنبا أبو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أحمَدَ الإِسْمَاعِيلِيُّ، أنبا أحمَدُ بنُ عَبدِ اللهِ الْوَرَّاقُ قال: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
(١) البيت من الطويل، وهو للمتنبي من قصيدته: "لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي".
(٢) مسند ابن الجعد (١٧٠٨) كما رواه من طريقه الرافعي.
والحديث رواه أحمد (٢/ ٢٩٨، ٥٢٠)، والطيالسي (٢٦٠٨)، والحاكم (٤/ ١٨٦).
قال الحاكم: صحيح الإسناد.
وفي الصحيحين من حديث أنسٍ ﵁: ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ … وفيه وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ.