قال: فما بال المعافي؟ قال: لقلة شكره على عافيتي إياه.
ومن جسيم نعم الله تعالى ألَّا تقطع النعمة لترك الشكر، ويزيدها بالشكر.
رُئِيَ الحسنُ بْنُ عليٍّ ﵄ وقد التزم الركن وهو يقول: إلهي، نَعَّمْتَنِي فلم تَجدني شاكرًا، وابتليتني فلم تجدني صابرًا، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أنت زدت في البلية بترك الصبر، إلهي ما يكون من الكريم إلا الكرم.
وقرأت على أبي محمد المبارك بن عبد الرحمن قال: أَنَبَا عبد الوهاب بن صالح، أَنَبَا أبو الوفا الهمداني، أَنَبَا أبو صالح المؤذن، أَنَبَا أبو عبد الرحمن السلمي، أَنَبَا علي بن الحسن القطان، ثَنَا علي بن الحسن المحتسب، ثَنَا محمد بن هارون، ثَنَا محمد بن أحمد القيسي، ثَنَا موسي بن سهل، عن الربيع حاجب المنصور قال: لَما استوت الخلافة لأبي جعفر قال: يا ربيع ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتيني به.
قال: فتنحيت من بين يديه وقلت: أي بلية تريد أن تفعل به؟ وأوهمته أني أفعل ثم أتيته بعد ساعة فقال: ألمَ أقل لك أن تبعث إلى جعفر بن محمد، وذكر في حقه ما يكره.
فذهبت إليه فقلت: أبا عبد الله أجب أمير المؤمنين، فقام معي، فلما دنونا من الباب قام فحرك شفتيه ثم دخل فسلم فلم يرد عليه، ووقف فلم يُجلسه ثم رفع رأسه فقال: يا جعفر كنت ألَّبت علينا وأكثرت، وحدثني أبي عن أبيه عن جده أنَّ رسول الله ﷺ قال: "يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ" (١).
فقال جعفر بن محمد: وحدثني أبي عن أبيه عن جده أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: "يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ: أَلَا فَلْيَقُمْ مَنْ كَانَ أَجْرُهُ عَلَيَّ، فَلَا يَقُومُ
(١) رواه البخاري (٣١٨٧)، ومسلم (٤٦٣٤) من حديث أنس ﵁.