إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْ أَخِيهِ" (١).
فما زال يقول معه حتى سكن ما به ولان له فقال: اجلس أبا عبد الله، ارتفع أبا عبد الله، ثم دعا بِمُدْهُنِ (٢) غاليةٍ فجعل يغلفه (٣) بيده، والغالية تقطر من بين أنامل أمير المؤمنين، ثم قال: انصرف أبا عبد الله في حفظ الله وقال لي: يا ربيع أتبع أبا عبد الله جائزته وأضعفه.
قال: فخرجت فقلت: يا أبا عبد الله تعلم محبتي لك؟
قال: نعم، أنت يا ربيع منا.
قلت: شهدت ما لم تشهد، وسمعت ما لَم تسمع، وقد دخلت عليه ورأيتك تحرك شفتيك عند الدخول عليه.
قال: نعم، دعاء كنت أدعو به.
فقلت: دعاء كنت تلقنته عند الدخول عليه أو شيء تأثره عن أبائك الطيبين؟
قال: لا، بل حدثني أبي عن أبيه عن جده أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كان إذا حَزَبَهُ أَمْرٌ دعا بهذا الدعاء، وكان يقال له دعاء الفرج: "اللهم احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ التي لا تنام، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الذي لا يُرَامُ، وارحمني بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، ولا تُهْلِكْنِي وأنت رجائي، فَكَمْ من نعمة أَنْعَمْتَ بها عَلَيَّ قل لك عندها شُكْرِي، وكم من بَلِيَّةٍ ابْتَلَيْتَنِي بها قَلَّ عندها صبري، فيا من قَلَّ عند نعمته شُكْرِي فلم يَحْرِمْنِي، ويا من قَلَّ عند بَلِيَّتِهِ صَبْرِي فلم يَخْذُلْنِي، ويا من رَآنِي على الْخَطَايَا فلم يَفْضَحْنِي، يا ذا المَعْرُوفِ الذي
(١) رواه الخطيب البغدادي (١١/ ١٩٩) من حديث ابن عباس. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٦٦٩).
(٢) هو ما يُجْعل فيه الدُّهن.
(٣) أي يدهنه.