سؤال العبد وبتحقيق مأموله.
وذلك في السياق المذكور من أمارات الرضا، وفيه بيان فضيلة الفاتحة، وأنَّ قراءتها سببٌ جالبٌ للرضا مُخْرجٌ للعبد عن حيز المغضوب عليهم.
ومن وقف على عظم رتبة الرضا أدام قرع بابها، ولم يَكِعّ (١) عنها بِمكروهٍ، ولم يشتغل عنها بإصابة مطلوبٍ، بل يستقصر في جنب مطلوب الرضا كل مطلوب، ويقوم في نظره كل مكروه جاء من عند المحبوب مقام ألف محبوب.
قال الأمير أبو فراسٍ وكان لطيفَ الطَّبْعِ رقيق الكلام ﵀: طويل
يَعُدُّ عَلَيَّ الْوَاشِيَانِ ذُنُوبَهُ … وَمِنْ أَيْنَ لِلْوَجْهِ المَلِيحِ ذُنُوبُ
أَسَاءَ فَزَادَتْهُ الإِسَاءَةُ حُظْوَةً … حَبِيبٌ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ حَبِيبُ
فَيَا أَيُّهَا الْجَانِي وَنسْأَلُهُ الرِّضَا … وَيَا أَيُّهَا الْمُخْطِي وَنَحْنُ نَتُوبُ
وإذا اشْتَمَّ العبدُ رائحة الرِّضا من الله تعالي ارتوى منها ولم يبال بسخط غيره، وتَمَثَّل بقول من قال: طويل
إِذَا رَضِيَتْ عَنِّي كِرَامُ عَشِيرَتِي … فَلَا زَالَ غَضْبَانًا عَلَيَّ لِئامُهَا
وقال أبو فراس: طويل
فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالْحَيَاةُ مَرِيرَةٌ … وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأنَامُ غِضَابُ
وَلَيتَ الَّذِي بيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ … وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْعَالِمَينَ خَرَابُ
على أنَّ من ﵁ أَرْضَى عنه غيره؛ ففي الْخَبَرِ أنَّ من طَلَبَ رِضَا الله بِسَخَطِ النَّاسِ ﵁ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ (٢).
(١) كَعَّ يَكِعُّ كُعُوعًا: جَبُنَ وضَعُفَ. القاموس المحيط كعع.
(٢) رواه الترمذي (٢٤١٤)، وابن حبان (٢٧٦، ٢٧٧) من حديث عائشة بنحوه.