وفي هذه الرواية أُطْلِقَ لفظُ العفوِ، والمذكور في الرواية الأخرى قبولُ الديةِ. وهذه الرواية تعرضت للَّطم وكسرِ السِّنِّ، وفي الرواية الأخرى المذكورة مطلق الجراحة والقصاص.
فإن تعددت الواقعة فذاك والجاني والحالف في كل واحدةٍ منها غير الجاني والحالف في الأخرى، وإن اتحدت فيمكن أن يقال: نُسبت الجراحة إلى إحداهما بالمباشرة وإلى الأخرى بالتسبب، ونسب القصاص إلى إحداهما من جهة أنها المباشرة للجناية وإلى الأخرى من جهة تأثرها بالاقتصاص من هذه، فكأنَّ ما نِيلَ منها نِيلَ من أختها، والعفو في هذه الرواية يُحمل على العفو على الدية، وكلُّ واحدٍ من الأخ والأم رُبَّما حلف على أنه لا يُقْتَصَّ منها.
وقوله: "كَسَرتْ سِنَّهَا" إلى قوله: "فأمرهم بالقصاص" يقتضي جريان القصاص في كسر السِّنِّ، وفيه وجهان في المذهب:
أحدهما: المنع كما لا قصاص في كسر سائر العظام، وعلى هذا فليحمل الكسر على القلع.
والثاني: أنه يجب إذا أمكن استيفاء مثله بلا زيادة ولا صدع بالباقي، ويخالف
سائر العظام؛ لأنها مستترة والسِّنُّ عظمٌ مشاهدٌ من أكثر الجوانب، ولأهل الصنعة آلاتٌ قَطَّاعَةٌ يعتمد عليها في الضبط.
وقوله: "كِتَابُ الله القصاص" أي: حكم الله أو فرض الله أو ما جاء به كتاب الله.
وقوله: "إنَّ من عباد الله من لو أقسم على الله لأَبَرَّهُ" أي: أمضى الأمر على الوجه الذي يَبَرُّ به المُقْسِمُ إِكْرَامًا لَهُ.