قطع عن قصد شرعى به قوام دينهن ودنياهن إذا نكحن من يقدرن فيه ذلك فعضلها ظلم لها، فحصل من مجموع هذا أن المنهى المتوعد عليه فى سورة البقرة أبلغ من التعدى وأسوأ فى المرتكب من الواقع عليه الزجر فى آية الطلاق، ومن المعلوم أن المطلب إذا اعتاص كانت السلامة فيه أعز وسالك طريق النجاة فيه أقل.
والخطاب وإن عم فأولى المخاطبين بأهليته والذين هم كأنهم هم المعنيون به على الخصوص إنما هم الممتثلون وكأن غير الممتثل غير داخل تحت الخطاب فعلى ذلك روعى هذا
ورد إفراد الخطاب فى البقرة فقيل "ذلك " بحرف الخطاب الذى للواحد إشارة لتقليل المستجيبين المتورعين عن الطمع فى أموال الزوجات والإضرار بهن عضلا أو احتيالا على ما لديهن وعلى هذا الرعى ورد فى هذه الآية "منكم " يشعر أن المستجيبين ليسوا الكل بما يعطيه مفهوم منكم،
ولما كان الوارد فى سورة الطلاق أخف فى المطلب وأيسر فى التكليف ترى أن الأحكام المتعلقة بالطلاق وهى التى دارت عليها آى هذه السورة كلها فروع ثوان فالسلامة فيها أيسر وسالك طريقها أكثر فناسب ذلك ورود الخطاب بالحرف الذى يخاطب به الجميع ويشملهم فقيل "ذلكم " وقيل "من كان مؤمنا " ولم يرد هنا "من كان منكم ".
لم يرد هنا إشعار بتبعيض وهو الذى يعطيه المفهوم فروعى فى كل من السورتين ما بنيت عليه القصة فى الأخرى والله سبحانه أعلم.
الآية السادسة والثلاثون: قوله تعالى: "فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف " وفى الآية الأخرى بعد: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم " فيهما ثلاث سؤالات.
الأول: ما وجه التعريف فى قوله "بالمعروف " والتنكير فى الثانية فى قوله "من معروف "؟ والثانى: ما وجه خصوص الأول بالباء والثانى بمن؟
والثالث: ما وجه تعقيب الأولى بقوله "والله بما تعملون خبير " والثانية بقوله "والله عزيز حكيم "؟
والجواب عن الأول: أن الواقع فى الآية الأولى من قوله تعالى: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن فى أنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ثم قال "فإذا بلغن أجلهن " أى باستيفائهن أربعة أشهر والعشر والمراد يخرجن عند ذلك من تمام الأجل المضروب لعدتهن فهذا كله بما تقتضيه "إذا " قد أحرز أمدا محدودا معلوم القدر معروف