سورة النساءالآية الأولى منها: قوله تعالى: "يا أيها اللناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " وفى سورة الأعراف: "هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها " وفى سورة الزمر: "خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها " فيها ثلاث سؤالات،
أحدها: الفرق بين الخلق والجعل، والثانى: وجه تخصيص الأخيرتين بجعل والأولى بخلق، والثالث: وجه ورود ثم فى آية الزمر عوضا عن الواو.
والجواب عن الأول أن العبارة بخلق واردة على ما ينبغى وطابقة للمعنى المقصود وهو المراد بجعل إلا أن جعل ثانية عنها لتوقف الجعل على ما يتقدمه لأن العبارة بخلق تكون عند المتسرعين عن عدم سابق حيث لا تتقدم مادة ولا سبب محسوس واستيفاء الكلام هنا وتحرير التمثيل يطول وله مظان.
وأما الجعل فيتوقف على موجود مغاير للمجعول يكون منه المجعول أو عنه كالمادة والسبب، ولا يرد فى الكتاب العزيز لفظ جعل فى الأكثر مرادا به الخلق إلا حيث يكون فيله ما يكون عنه الجعل أو منه سببا فيه محسوسا عنه يكون ذلك المخلوق الثانى، بخلاف خلق فإن العبارة تقع كثيرا به عما لم يتقدم وجوده وجود مغاير يكون عنه الثانى، وقل ما تقع واحدة من العبارتين فى القرآن على خلاف ما ذكرناه، قال تعالى: "الحمد لله الذى خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ".
وإنما الظلمات والنور عن أجرام توجد بوجودها وتعدم بعدمها
أما السماوات والأرض فليست كذلك أعنى أنها لا ترتبط بموجود حادث توجد بوجوده وتعدم بعدمه وإن قلنا بتقدم مادة حسبما ورد فى القرآن فى قوله تعالى: "ثم استوى إلى السماء وهى دخان " فى الخبر المذكور فى خلقها وقال تعالى: "وهو الذى مد الأرض وجعل فيها رواسى وأنهارا "، وقال تعالى: "وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون "، وفى هذه الآية والمتصلة بها قبلها شوب تصيير لتقارب المعنى فى التصيير وما يكون عن المادة فقد لاح الفرق بين خلق وجعل ووجه تخصيص كل آية مما تقدم بالوارد فيها.
وأما ورود جعل فى آية الأعراف فى قوله تعالى: