اشتغل، وتفقّه، ومهر، وفاق الأقران، وأفتى، ودرّس.
وصنّف التصانيف المفيدة فى المذهب.
وولى قضاء الدّيار المصرية، لمّا جدّدت القضاة الثلاثة بها، سنة ثلاث وستين وستمائة، وكان جلوسهم بجامع عمرو بن العاص، وعمل الشيخ شمس الدين البوصيرىّ فى ذلك أبياتا، وهى هذه:
غدا جامع ابن العاص كهف أئمّة … فلله كهف للأئمة جامع
تفرّقت الآراء والدّين واحد … وكلّ إلى رأى من الحقّ راجع
فهذا اختلاف جرّ للناس راحة … كما اختلفت فى الرّاحتين الأصابع
واختصّ الصّدر سليمان بالملك الظّاهر، فكانت له المنزلة العليّة عنده، وكان لا يفارقه حيث سافر فى البلاد، وحضر معه جميع فتوحاته، وحجّ معه، ثم عاد إلى دمشق، ودرّس بالظّاهريّة، واختار المقام بدمشق، واستعفى من قضاء الدّيار المصريّة، فأعفى،/وولى قضاء الشام بعد موت القاضى مجد الدّين ابن العديم، سنة سبع وسبعين وستمائة، وباشر ذلك فى جمادى الأولى منها. قاله فى «الرّوض التّامّ».
قال: وله نظم حسن، فمنه قوله، وقد زوّج الملك المعظّم مملوكا له بجاريته:
يا صاحبىّ قفا لى وانظرا عجبا … أتى به الدهر فينا من عجائبه
البدر أصبح فوق الشمس منزلة … وما العلوّ عليها من مراتبه
أضحى يماثلها حسنا وصار لها … كفؤا وسار إليها فى مواكبه
فأشكل الفرق لولا وشى نمنمة … بصدغه واخضرار فوق شاربه
وكان كثير الولع بعمامته وثيابه وجسده، كثير الالتفات والعبث فى صلاته، عفا الله عنه.
واستمرّ على القضاء إلى أن توفّى، ليلة الجمعة، سادس شعبان، من السنة المذكورة، وهى سنة سبع وسبعين وستمائة، ودفن من الغد، بعد صلاة الجمعة، بتربته بسفح قاسيون، عن ثلاث وثمانين سنة، ولم يخلّف بعده مثله.
وذكره السّخاوىّ، فى «ذيله على رفع الإصر»، فقال: مولده بأذرعات، سنة خمس وتسعين وخمسمائة. تفقّه بالشيخ جمال الدين الحصيرىّ، وغيره. وبرع فى الفقه، وأفتى وصنّف، وسمع الحديث وأسمع، وقدم القاهرة، ودرّس بالصّالحيّة النّجميّة، ثم عاد إلى دمشق، وولى قضاء الحنفيّة بمصر فى دولة الظّاهر بيبرس، حين (الطبقات السنية ٤/ ٤)