وكمّل الله المعالى به … فأصبحت فى رونق باهر
والملك قد أضحى به فى حمى … لأنّه كالأسد الخادر
غلّ يد الظّلم وعدوانه … وكفّ كفّ الخائن الجائر
مسدّد الآراء فى فعله … لأنّه ذو باطن طاهر
ما أبصر الناس ولم يسمعوا … بمثله فى الزمن الغابر
سيوفه إن سلّها فى الوغى … كبارق تحت الدّجى طائر
يغمدها فى مهجات العدا … فتكتسى ثوب الدّم المائر
يمينه للجود معتادة … قد أخجلت صوب الحيا الماطر
كواكب السّعد له قد غدت … تخدمه فى الفلك الدّائر
أنشا له مدرسة حسنها … بين الورى كالمثل السّائر
فسيحة الأرجاء قد زخرفت … بكلّ لون راق للنّاظر
رخامها مختلف لونه … كمثل روض يانع زاهر
وذهنه متّقد بالذّكا … لأنّه ذو خاطر حاضر
وعلمه زاد على غيره … كلجّ بحر طافح زاخر
/يسبق برق الجوّ إدراكه … لا كامرئ فى جهله عاثر
يقول من يسمع ألفاظه … كم ترك الأوّل للآخر
فوصفه أعجز كلّ الورى … من ناظم القول ومن ناثر
إنّ الثّنا فى وصفه قد غدا … غنيمة الوارد والصّادر
تلهو به الرّكبان فى سيرهم … لأنّه أعجوبة السّامر
يلقى الذى يسعى إلى بابه … بنائل من جوده الغامر
فالله يرعاه ولم ينسه … عند خطوب الزمن الغادر
كذا نقلت هذه الترجمة من «أعيان العصر»، للصّلاح الصّفدىّ، وحذفت منها ما لا تمسّ الحاجة إليه. وهذا القدر من الصّلاح الصّفدىّ، فى مدح صاحب الترجمة، يدلّ على أنّه كان ذا فضل وافر، وإحسان متكاثر، وأنّه حرىّ بأن يعدّ فى جملة فضلاء الحنفية، الذين بفضلهم يقتدى، وبعلمهم يهتدى، والفضل ما شهدت به الأعداء؛ فإنّ غالب شافعيّة ذلك العصر كانوا لا يحبّونه، وفى المدح لا ينصفونه؛ لما ذكرناه من ميله إلى أفاضل العجم، كالعلاّمة الإتقانىّ وأضرابه، وتعصّبه لأهل مذهبه. ولا