وسئل ابن المبارك: من أحسن الناس حالا؟ قال: من انقطع إلى الله ﷿.
وكان يقول: من بخل بالعلم ابتلى بثلاث: إمّا أن يموت، فيذهب علمه، أو ينسى، او يتّبع السّلطان. وكان يقول: لأن أخرّ من السماء، أحبّ إلىّ من أن أدلّس حديثا.
وذكر عنده رجل ممّن كان يدلّس، فقال فيه قولا شديدا، وأنشد فيه (١):
دلّس للناس أحاديثه … والله لا يقبل تدليسا
وعنه أنّه قال: من استخفّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفّ بالأمراء ذهبت/ دنياه، ومن استخفّ بالإخوان ذهبت مروءته.
وعن محمد بن حميد، قال: عطس رجل عند ابن المبارك. قال: فقال له ابن المبارك: أيش يقول الرجل إذا عطس؟ قال: يقول الحمد لله. قال: فقال له ابن المبارك: يرحمك الله. قال: فعجبنا كلّنا من حسن أدبه.
وكان يقول لأصحاب الحديث: أنتم إلى قليل من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم.
وسمع وهو يخاطب نفسه فيقول: يا ابن المبارك، إذا عرفت نفسك، لم يضرّك ما قيل فيك.
وعنه أنّه قال: خصلتان من كانتا فيه نجا: الصّدق، وحبّ أصحاب رسول الله محمد ﷺ.
ومن شعر ابن المبارك، رحمه الله تعالى (٢):
إنّى امرؤ ليس فى دينى لغامزة … لين ولست على الإسلام طعّانا
شغلى بقوم مضوا كانوا لنا سلفا … وللرّسول مع العرفان أعوانا
فما الدّخول عليهم فى الذى عملوا … بالطّعن منّى وقد فرّطت عصيانا
فلا أسبّ أبا بكر ولا عمرا … ولا أسبّ معاذ الله عثمانا
ولا ابن عمّ رسول الله أشتمه … حتى ألبّس تحت التّرب أكفانا
(١) سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٦١.
(٢) سير أعلام النبلاء ٣٦٦،٨/ ٣٦٥، طبقات الشافعية الكبرى ١/ ٢٨٧.