وكان يتمثّل أيضا بقول الآخر:
وكيف تحبّ أن تدعى حكيما … وأنت لكلّ ما تهوى ركوب
وتضحك دائبا ظهرا لبطن … وتذكر ما عملت ولا تتوب
وسمع وهو على سور طرسوس يقول هذين البيتين (١):
ومن البلاء وللبلاء علامة … أن لا يرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النّفس فى شهواتها … والحرّ يشبع مرّة ويجوع
وأنشد الحسن بن إبراهيم البجلىّ لابن المبارك قوله:
تعصى الإله وأنت تظهر حبّه … هذا محال فى الفعال بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته … إن المحبّ لمن يحبّ مطيع
والذى يغلب على الظّنّ، أنّ هذين البيتين أخوا البيتين اللذين قبلهما.
وروى أنّ بعض أصحابه أراد أن يسافر إلى مكة، فقال له: أما توصينا، أما تقوّينا؟ فقال له عبد الله:
إذا صاحبت فى الأسفار قوما … فكن لهم كذى الرّحم الشّفيق
بعيب النفس ذا بصر وعلم … غبىّ النفس عن عيب الرّفيق
ولا تأخذ بعثرة كلّ يوم … ولكن قل هلمّ إلى الطريق
فإن تأخذ بعثرتهم يقلّوا … وتبقى فى الزمان بلا صديق
وقال بعضهم: سمعت عبد الله بن المبارك ينشد:
أعداء غيب اخوة التّلاقى … يا سوءنا من هذه الأخلاق
كأنّما اشتقّت من النّفاق
فى إخوان العلانية وأعداء السّريرة.
وعن المسيّب بن واضح، قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: حفروا بخراسان حفيرا، فوجدوا رأس إنسان، فوزنوا سنّا من أسنانه، فإذا فيه سبعة أساتير (٢).
(١) سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٦٩.
(٢) الإستار: أربعة مثاقيل ونصف.