وكان ابن داود يقول: الناس فى أبى حنيفة حاسد، وجاهل، وأحسنهم عندى حالا الجاهل.
وحدّث سفيان بن وكيع (١)، قال سمعت أبى يقول: دخلت على أبى حنيفة، فرأيته مطرقا مفكّرا، فقال لى: من أين أقبلت؟
قلت: أقبلت من عند شريك.
فرفع رأسه وأنشأ يقول (٢):
إن يحسدونى فإنىّ غير لائمهم … قبلى من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لى ولهم ما بى وما بهم … ومات أكثرنا غيظا بما يجد
قال: وأظنه كان بلغه عنه شئ.
وذكر لمحمد بن الحسن ما يجرى الناس من الحسد لأبى حنيفة فقال (٣):
محسّدون وشرّ الناس منزلة … من عاش فى الناس يوما غير محسود (٤)
فصل
فى ذكر بعض الأمور التى اعترض بها الحسّاد على
أبى حنيفة، ﵁، وشنّعوا بها عليه،
وما أجيب به عنه، وذكر بعض ما مدح به من
الشّعر، وما نسب إليه، وما تمثل به منه، وغير ذلك
قال قاضى القضاة ابن خلّكان، فى «وفيات الأعيان» (٥)، بعد أن ذكر طرفا صالحا
(١) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٦٧، ومناقب الكردرى ١/ ٢٦٥، ومناقب الإمام الأعظم ١٦،٢/ ١٠.
(٢) هذان البيتان، فى المختار من شعر بشار ٦٧، وتخريجهما فى حاشيته، وهما فى ذيل الجواهر المضية ٢/ ٤٩٨.
(٣) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٦٧، ومناقب الكردرى ١/ ٢٦٦، ومناقب الإمام الأعظم ٢/ ١١، وذيل الجواهر المضية ٢/ ٤٩٨.
(٤) وصدر البيت فى المناقب: «هم يحسدونى وشر الناس منزلة».
(٥) وفيات الأعيان ٥/ ٤١٣.