من مناقب الإمام رضى الله تعالى عنه: ومناقبه وفضائله كثيرة، وقد ذكر الخطيب فى «تاريخه» (١) منها شيئا كثيرا، ثم أعقب ذلك بذكر ما كان الأليق تركه والإضراب عنه، فمثل هذا الامام لا يشكّ فى دينه، ولا فى ورعه وتحفّظه، ولم يكن يعاب بشيء سوى قلّة العربيّة.
*فمن ذلك ما روى (٢) أن أبا عمرو بن العلاء سأله عن القتل بالمثقل هل يستوجب القود أم لا؟
فقال: لا. كما هو قاعدة مذهبه، خلافا للإمام الشّافعىّ.
فقال له أبو عمرو: ولو قتله بحجر المنجنيق؟.
فقال: ولو قتله بأبا قبيس.
يعنى الجبل المطلّ على مكّة، حرسها الله تعالى.
قال: وقد اعتذروا عن أبى حنيفة بأنه قال ذلك على لغة من يقول: إن الكلمات السّت المعربة بالحروف «أبوه، وأخوه، وحموه، وهنوه، وفوه، وذو مال» إن إعرابها يكون فى الأحوال (٣) بالألف. وأنشدوا على ذلك (٤):
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا فى المجد غايتاها
وهى لغة الكوفيّين، وأبو حنيفة من أهل الكوفة، فهى لغته. انتهى كلام ابن خلّكان.
قلت: وهو مع ما اشتمل عليه من الصّواب فى الجواب لا يخلو من شائبة التّعصّب، حيث جزم بأنّ الإمام رضى الله تعالى عنه كان قليل العربيّة، بمجرّد كلمة صدرت منه على لغة أهل بلده، واستعملها غير واحد ممّن يحتجّ بقوله فى شعره، والحال أنه لم ينقل عن أحد من أهل اللغة وحملة العربيّة، أنه قال: إن كلّ من تكلّم بكلمة غير فصيحة فى عرض
(١) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٨٦ - ٣٩٤.
(٢) روى الخطيب بعض هذا الخبر، فى تاريخ بغداد ١٣/ ٤١٢.
(٣) فى وفيات الأعيان بعد هذا زيادة: «الثلاث».
(٤) وهو لأبى النجم الفضل بن قدامة العجلى. انظر شواهد القطر للشربينى ٤٢، وشرح الشواهد للعينى ١/ ٧٠.