قال: بل أناظرك.
قال: فإن اختلفنا فى شئ ممّا تناظرنا فيه، فمن بينى وبينك؟.
قال: اجعل أنت من شئت.
فقال أبو حنيفة لرجل من أصحاب الضّحّاك: اقعد بيننا فيما نختلف فيه إن اختلفنا.
ثم قال للضّحّاك: أترضى بهذا بينى وبينك؟.
قال: نعم.
فقال أبو حنيفة: فأنت قد جوّزت التّحكيم.
فانقطع الضّحّاك.
*وعن أبى يوسف، قال: بعث ابن هبيرة إلى أبى حنيفة، وعنده ابن شبرمة، وابن أبى ليلى، فسألهم عن كتاب صلح الخوارج، وكانت بقيت بقيّة من الخوارج، من أصحاب الضّحّاك الخارجىّ، فقالت الخوارج: نريد أن تكتب لنا صلحا، على أن لا نؤخذ بشئ أصبناه (١) فى الفتنة، ولا قبلها، لا الأموال، ولا الدّماء.
فقال ابن شبرمة: لا يجوز لهم الصّلح على ذلك، على هذا الوجه، لأنّهم يؤخذون بهذه الأموال والدّماء.
وقال ابن أبى ليلى: الصّلح لهم جائز فى كلّ شئ.
/قال أبو حنيفة: فقال لى ابن هبيرة: ما تقول أنت؟.
فقلت: أخطأ جميعا.
فقال ابن هبيرة: أفحشت، فقل أنت.
فقلت: القول فى هذا، إن كان مال ودم أصابوه من قبل إظهار الفتنة، فإنّ ذلك يؤخذ
(١) فى ص: «أصبناه»، والمثبت فى: ط، ن.