منهم ولا يجوز لهم الصّلح عليه، وأمّا كلّ شئ أصابوه من مال ودم فى الفتنة، فالصّلح عليه جائز، فلا يؤخذون به.
فقال ابن هبيرة: أصبت، وقلت الصّواب، هذا هو القول.
وقال: يا غلام، اكتب ما قال أبو حنيفة.
*وعن علىّ بن عاصم، قال: سألت أبا حنيفة عن درهم لرجل ودرهمين لآخر، اختلطت، ثمّ ضاع درهمان من الثلاثة، لا يعلم أيّها هما.
فقال: الدّرهم الباقى بينهما أثلاثا.
قال علىّ: فلقيت ابن شبرمة، فسألته عنها. فقال: سألت عنها أحدا غيرى؟.
قلت: نعم، سألت أبا حنيفة عن ذلك، فقال: يقسم الدّرهم الباقى بينهما أثلاثا.
قال: أخطأ أبو حنيفة، درهم من الدّرهمين الضائعين يحيط العلم أنه من الدّرهمين، والدّرهم الباقى بعد الماضيين يحتمل أن يكون الدّرهم الباقى من الدّرهمين، ويحتمل أن يكون الدّرهم المنفرد المختلط بالدّرهمين، فالدّرهم الذى بقى يكون بينهما نصفين.
قال ابن عاصم: فاستحسنت ذلك، ثمّ لقيت أبا حنيفة، فو الله لووزن عقله بنصف عقول أهل المصر، يعنى الكوفة، لرجح بهم، فقلت له: يا أبا حنيفة: خولفت فى تلك المسألة. وقلت له: لقيت ابن شبرمة، فقال: كذا.
فقال أبو حنيفة: إن الثلاثة حين اختلطت ولم تتميّز، رجعت الشّركة فى الكلّ، فصار لصاحب الدّرهم ثلث كلّ درهم، ولصاحب الدّرهمين ثلثا كلّ درهم، فأىّ درهم ذهب (١)، فعلى هذا.
وعن أبى يوسف، قال: جاء رجل إلى مسجد الكوفة يوم الجمعة، فدار على الخلق يسألهم عن القرآن، وأبو حنيفة غائب بمكّة، فاختلف بمكّة، فاختلف الناس فى ذلك، والله ما أحسبه إلاّ شيطانا تصوّر فى صورة الإنس، حتى انتهى إلى حلقتنا؛ فسألنا عنها، وسأل
(١) ساقط من: ط، ن، وهو فى: ص.