بعضنا بعضا، وأمسكنا عن الجواب، وقلنا ليس شيخنا حاضرا، ونكره أن نتقدّم بكلام حتى يكون هو المبتدى بالكلام.
فلمّا قدم أبو حنيفة تلقّيناه بالقادسيّة، فسألنا عن الأهل والبلد، فأجبناه، ثم قلنا له بعد ذلك: رضى الله عنك، وقعت مسألة فما قولك فيها؟.
فكأنّه كان فى قلوبنا، وأنكرنا، وظنّ أنه وقعت مسألة معنتة، وأنّا قد تكلّمنا فيها بشئ. فقال: ما هى؟.
قلنا: كذا وكذا.
فأمسك ساكتا ساعة، ثم قال: فما كان جوابكم فيها؟.
قلنا: لم نتكلّم فيها بشئ، وخشينا أن نتكلّم فيها بشئ فتنكره.
فسرّى عنه، وقال: جزاكم الله خيرا، احفظوا عنّى وصيّتى: لا تكلّموا فيها ولا تسألوا عنها أبدا، انتهوا إلى أنه كلام الله ﷿، بلا زيادة حرف واحد، ما أحسب هذه المسألة تنتهى حتى توقع أهل الإسلام فى أمر لا يقومون له ولا يقعدون، أعاذنا الله وإيّاكم من الشيطان الرّجيم.
*وسئل حفص بن مسلم عن القرآن، فقال: القرآن كلام الله، غير مخلوق، ومن قال غير هذا فهو كافر.
فقال ابنه سالم: هل يخبر عن أبى حنيفة فى هذا بشئ؟.
فقال: نعم، كان أبو حنيفة على هذا، وما علمت منه غيره، ولو علمت منه غيره لم أصحبه/
قال: وكان أبو حنيفة إمام الدنيا فى زمانه، فقها وعلما وورعا، وكان محنة، يعرف به أهل البدع من الجماعة، ولقد ضرب بالسّياط على الدّخول فى الدنيا لهم، فأبى.
*وعن أبى مقاتل: سمعت أبا حنيفة يقول: الناس عندنا على ثلاث منازل؟
الأنبياء من أهل الجنة، ومن قالت الأنبياء إنه من أهل الجنة فهو من أهل الجنّة.