والمنزلة الأخرى المشركون، نشهد عليهم أنّهم من أهل النار.
والمنزلة الثالثة المؤمنون: نقف عنهم، ولا نشهد على واحد منهم أنه من أهل الجنة ولا من أهل النّار؛ ولكنّا نرجو لهم، ونخاف عليهم، ونقول كما قال الله تعالى (١): ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)،﴾ حتى يكون الله ﷿ يقضى بينهم، وإنما نرجو لهم، لأنّ الله ﷿ يقول (٢): ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)،﴾ ونخاف عليهم بذنوبهم وخطاياهم، وليس أحد من الناس أوجب له الجنّة ولو كان صوّاما قوّاما غير الأنبياء، ومن قالت فيه الأنبياء إنه من أهل الجنّة.
*وعن أبى مقاتل أيضا، عن أبى حنيفة، قال: الإيمان هو المعرفة، والتّصديق، والإقرار بالإسلام.
قال: والناس فى التّصديق على ثلاث منازل:
فمنهم من صدّق الله، وما جاء منه بقلبه ولسانه.
ومنهم من صدّق بلسانه، وهو يكذّبه بقلبه.
ومنهم من يصدّق بقلبه ويكذّب بلسانه.
فأمّا من صدّق الله، وما جاء به رسوله ﵊، بقلبه ولسانه، فهو عند الله وعند الناس مؤمن.
ومن صدّق بلسانه، وكذّب بقلبه، كان عند الله كافرا، وعند الناس مؤمنا؛ لأن الناس لا يعلمون ما فى قلبه، وعليهم أن يسمّوه مؤمنا، بما أظهر لهم من الإقرار بهذه الشهادة، وليس لهم أن يتكلّفوا علم القلوب.
ومنهم من يكون عند الله مؤمنا، وعند الناس كافرا، وذلك أن يكون المؤمن يظهر الكفر بلسانه فى حال التّقيّة، فيسمّيه من لا يعرفه كافرا، وهو عند الله مؤمن. انتهى.
***
(١) سورة التوبة ١٠٢.
(٢) سورة النساء ٤٨.