وروى الخطيب فى «تاريخه (١)» أن طاهر بن خلف، قال: سمعت محمد بن الواثق، الذى يقال له المهتدى بالله، يقول: كان أبى إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس، فأتى بشيخ مقيّد، فقال أبى: ائذنوا لأبى عبد الله وأصحابه. يعنى ابن أبى دواد.
قال: فأدخل الشيخ، فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين.
فقال: لا سلّم الله عليك.
فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدّبك به مؤدّبك، قال الله تعالى (٢): ﴿وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها)،﴾ والله ما حيّيتنى بها، ولا بأحسن منها.
فقال ابن أبى دواد: يا أمير المؤمنين، هذا رجل متكلّم.
فقال له: كلّمه.
فقال: يا شيخ، ما تقول فى القرآن؟
قال الشيخ: لم تنصفنى المسألة، أنا أسألك قبل.
فقال له: سل.
فقال الشيخ: ما تقول فى القرآن؟
فقال: مخلوق.
فقال الشيخ: هذا شئ علمه رسول الله ﷺ، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلىّ، والخلفاء الرّاشدون، أم شئ لم يعلموه؟
فقال: شئ لم يعلموه.
فقال: سبحان الله، شئ لم يعلمه النبىّ ﷺ، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علىّ، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت!
(١) تاريخ بغداد ١٥٢،٤/ ١٥١.
(٢) سورة النساء ٨٦.