والخامسة: طبقة أصحاب التّرجيح من المقلّدين، كأبى الحسين القدورىّ، وصاحب «الهداية»، وأمثالهما، وشأنهم تفضيل بعض الرّوايات على بعض آخر، بقولهم: هذا أولى، وهذا أصحّ رواية، وهذا أرفق للناس.
والسّادسة: طبقة المقلّدين القادرين على التمييز بين الأقوى، والقوىّ، والضّعيف، وظاهر المذهب، وظاهر الرّواية، والرّواية النادرة، كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخّرين، مثل صاحب «الكنز»، وصاحب «المختار»، وصاحب «الوقاية»، وصاحب «المجمع»، وشأنهم أن لا ينقلوا فى كتبهم الأقوال المردودة، والروايات الضّعيفة.
والسّابعة: طبقة المقلّدين الذين لا يقدرون على ما ذكر، ولا يفرّقون بين الغثّ والسّمين، ولا يميّزون الشّمال عن اليمين، بل يجمعون ما يجدون، كحاطب الليل، فالويل لهم ولمن قلّدهم كلّ الويل».
انتهى ما قاله ابن كمال باشا بحروفه، وهو تقسيم حسن جدّا.
فائدة مهمة
يتعيّن إيرادها، ولا يستغنى عنها، نقلتها من خطّ المولى العلاّمة على چلبى بن أمر الله الشّهير بقنالى زاده، رحمه الله تعالى.
اعلم، وفّقك الله تعالى، أن مسائل أصحابنا الحنفيّة، رحمهم الله تعالى، على ثلاث طبقات:
الأولى: مسائل الأصول، وتسمّى ظاهر الرّواية أيضا، وهى مسائل رويت عن أصحاب المذاهب، وهم أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمّد، رحمهم الله تعالى، لكن الغالب الشائع فى ظاهر الرّواية، أن يكون قول الثلاثة، أو قول بعضهم.
ثمّ هذه المسائل التى تسمّى بظاهر الرّواية والأصول، هى ما وجد فى كتب محمّد التى هى: «المبسوط»، و «الزيادات»، و «الجامع الصّغير»، و «الجامع الكبير»، و «السّير».
وإنما سمّيت بظاهرة الرّواية، لأنها رويت عن محمّد بروايات الثّقات، فهى ثابتة عنه؛ إمّا متواترة، أو مشهورة.