وولى قضاء العسكر بولاية روملى، وأقبل عليه السلطان غاية الإقبال، وحصل له من التّمكّن فى الدولة ما ذكرناه سابقا، إلى أن توفّى مفتى الدّيار الرّوميّة، حامد أفندى، ففوّض إليه منصب الإفتاء مكانه، ولم يزل مفتيا مشارا إليه، يشاور فى الأمور، ويطيع كلامه الجمهور، إلى أن توفّى، سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، ودفن بالقرب من جامع السلطان محمد الكبير، فى تربة أعدّها له قبل وفاته، رحمه الله تعالى.
وله تآليف، منها: «شرح على أواخر الهداية» ابتدأ فيه/من كتاب الوكالة، من المحلّ الذى وصل إليه ابن الهمام، وكأنّه جعله كالتّكملة «لشرح ابن الهمام»، وهو مع كونه كثير الفوائد، غزير الفرائد، بينه وبين «شرح ابن الهمام» بون بعيد، وفرق أكيد، وله «حاشية» على «شرح المفتاح» للسيّد الشريف، وكتاب «محاكمات بين صدر الشريعة، وابن كمال باشا»، وله غير ذلك رسائل كثيرة، فى فنون عديدة.
وكان مع العلاّمة مفتى الدّيار الرّوميّة محمد بن الشيخ بن إلياس، حين كانا قاضيين بالعسكر المنصور، سببا (١) فى تقديم قضاة العسكر على أمراء الأمراء فى الجلوس عليهم، وحصل بذلك لأهل العلم شرف زائد، وتضاعف الدّعاء منهم بسبب ذلك لحضرة السلطان مراد، وعدّ ذلك من محاسن أيّامه، أدامها الله تعالى، ومتّع المسلمين بطول بقائها.
وبالجملة، فقد كان صاحب التّرجمة من مفاخر الدّيار الرّوميّة، ولولا ما كان فيه من الحدّة، وسرعة الغضب، لاتّفق الناس على أنه مفرد عصره فى جميع المحاسن، تغمّده الله برحمته.
***
٣٨٧ - أحمد بن مسعود بن أحمد الصّاعدىّ، الإمام، العلاّمة
الملقّب صدر الدين (*)
روى عن الإمام شمس الأئمّة الكردرىّ، تفقّه عليه، وانتفع به.
ويقال: إنه من نسل أبى حفص الكبير، وكان يدرّس بمدرسة أبى حفص، ببخارى.
(١) فى ط: «سميا»، وفى ن: «وسيما»، والصواب فى: س.
(*) ترجمته فى: الجواهر المضية، برقم ٢٥٤.