«الأنساب» للرّشاطىّ، وأضاف إليها «زيادات الأنساب» لابن الأثير، اختصاره من كتاب أبى سعد ابن السّمعانىّ.
ولم يزل على حالته حتى ولى القاضى شمس الدين الطّرابلسىّ، فاتّفق له معه شئ، فامتنع من النّيابة، إلى أن قدّر أن استدعاه الملك الظاهر، فخلع عليه، وفوّض إليه قضاء الحنفيّة، فباشره بصلابة، ونزاهة، وعفّة، وتشدّد فى الأحكام، وفى قبول الشهادة، ولم يتّفق أنه عدّل/من الشهود أحدا فى مدّة ولايته، إلاّ اثنين، وأبغضه الرّؤساء، لردّ رسائلهم.
وذكر بعض من يعرفه أنه قد حصل له فى المنصب بعض خمول، وانقباض من الناس عنه، وذلك بسبب أنه كان يزهو بنفسه، ويرى أن المنصب دونه، لما كان عنده من الاستعداد، ولما فى غيره من النّقص فى العلم والمعرفة، فانعكس أمره لذلك، واشتهر عنه أنه كان إذا رأى المكتوب عرف حاله من أوّل سطر بعد البسملة غالبا.
وكان عزله من المنصب، فى شعبان، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، فانصرف إلى منزله بالسّيوفيّة، وأقام فيه بطّالا، ولكنه يشغل الطلبة، ويحضر الوظائف التى كانت بيده قبل القضاء، وضاق حاله، وتعطّل إلى نسى كأن لم يكن شيئا مذكورا.
وكان الظاهر يتفقّده بالصّدقات، فلمّا مات الظاهر كفّ بصره، وساءت حاله إلى الغاية.
ومات فى شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وثمانمائة.
وكان كثير النظم، جيّد الوزن فيه، إلا أنه لم يكن بالماهر فى عمله، وله أشياء كثيرة من قسم المقبول، كقوله (١):
لا تحسبنّ الشّعر فضلا بارعا … ما الشعر إلاّ محنة وخبال
فالهجو قذف والرّثاء نياحة … والعتب ضغن والمديح سؤال (٢)
***
(١) البيتان فى: الضوء اللامع ٢/ ٢٨٧، رفع الإصر ١/ ١٢٠.
(٢) فى الضوء: «والرياء نياحة»، وفى رفع الإصر: «فى الهجو قذف».