فكم سدّ من ثغر وكم شاد من علا … وكم شدّ من أزروكم حطّ من وزر
بأفق سماه قلعة الجبل ازدهت … فمدّت جناحا فوق قادمة النّسر (١)
وحفظا غدت ذات البروج وزيّنت … به من حلاه الغرّ بالأنجم الزّهر
حمى حوزة الإسلام بالبأس والنّدى … وجهّز جيش النّصر فى اليسر والعسر
بكلّ حديد الطّرف أسمر إن رنا … إلى مقتل أصماه بالنّظر الشّزر
ومن أبيض لا يعرف الصّفح إنّما … يقابلهم بالحدّ فى لبّة النّحر
مضاربه لا تنثنى عن ضريبة … إذا راح يحكى البحر فى المدّ والجزر
يريش ويبرى للعدى منه أسهما … وفى السّلم والجدوى يريش ولا يبرى
إذا اعتقل الخطّىّ كلّم خصمه … بطول لسان فى تلهّبه جهرى (٢)
يريهم يقين الموت بالشّكّ سرعة … ويستخرج الأضغان من داخل الصّدر
وإن جرّد الهندىّ عاينت شعلة … لها شرر ترمى به الدّهر كالقصر
يجرّهم للموت نون قسيّه … وما خلت أنّ النّون من أحرف الجرّ
مواظبة للخمس فى طوع ربّها … وخدمة باريها ملازمة الوتر
/لمدركة تنمى كنانة سهمه … وعامله الميّاد يعزى إلى النّضر
وأسيافه مشهورة فى عداته … تذيقهم بالنّكر عاقبة المكر
حماسته يوم اللّقا أم تغزّل … يريك افتنانا منه بالبيض والسّمر
فما اضطربت فى غير قلب سيوفه … ولا اختلجت أرماحه فى سوى الصّدر (٣)
فيا للسّجايا البرمكيّة عوّضت … من الكاف شينا كم به نلت من فخر
وكم حزت من أجر وأوليت من ندى … ويسّرت من عسر وأنقذت من أسر
ويا حافظ الإسلام من طعن جاهل … يصيب ويخطى فى الحديث ولا يدرى
مددت يد النّعما بجود قصرته … عليك لقد أبدعت فى المدّ والقصر
وكم لك فى الهيجاء من عربيّة … تباهى بها الأقران فى الكرّ والفرّ
لصهوتها يا فارسىّ زمانه … نحوت فلم تعبا بزيد ولا عمرو
منكّسة أعلامهم ورءوسهم … فلا غرو أن يبنى الجميع على الكسر
(١) النسر: كوكبان، أحدهما الواقع والآخر الطائر.
(٢) فى س: «فى تلهبه جمرى»، والمثبت فى: ط، ن.
(٣) فى ط: «فى سوى صدر»، والمثبت فى: س، ن.