أمرها. فقلت لمولاها: هذا المال قد نقدناه ووزنّاه، فإن قنعت وإلاّ فوجّه إلىّ من شئت لينتقده. فقال: لا، بل أقنع بما قلتم.
قال: فقالت الجارية: يا مولاى، فى أىّ شئ أنت؟
فقال: قد عرفت ما كنّا فيه من النّعمة، وما كنت فيه من انبساط اليد، وقد انقبضت عن ذلك لتغيّر الزمان/علينا، فقدّرت أن تصيرى إلى هذا الملك، فتنبسطى فى شهواتك وإرادتك (١).
فقالت الجارية: والله يا مولاى لو ملكت منك ما ملكته (٢) منّى ما بعتك بالدنيا وما فيها، وبعد فاذكر العهد.
وقد كان حلف لها أن لا يأكل لها ثمنا، فتغرغرت عين (٣) المولى، وقال: اشهدوا أنها حرّه لوجه الله تعالى، وأنّى قد تزوّجتها، وأمهرتها دارى.
فقال لى جعفر: انهض بنا.
فقال: فدعوت الحمّالين ليحملوا المال، قال: فقال جعفر: لا والله، لا يصحبنا منه درهم.
قال: ثم أقبل على مولاها، فقال: هو لك مباركا (٤) لك فيه، أنفقه عليك وعليها. قال:
وقمنا وخرجنا.
وروى أنه لما حجّ اجتاز فى طريقه بالعقيق، وكانت سنة مجدبة، فاعترضته امرأة من بنى كلاب، وأنشدته:
إنّى مررت على العقيق وأهله … يشكون من مطر الربيع نزورا
ما ضرّهم إذ كان جعفر جارهم … أن لا يكون ربيعهم ممطورا
فأجزل لها العطاء.
(١) فى س: «وإراداتك»، والمثبت فى: ط، ن، وتاريخ بغداد.
(٢) فى تاريخ بغداد: «ملكت».
(٣) فى س: «عينا»، والمثبت فى: ط، ن، وتاريخ بغداد.
(٤) فى تاريخ بغداد: «مبارك».