لجعفر، وذلك ليلة قتل، فدار بينه وبينه كلام، فأخرج سيفا من تحت فراشه، وأمر بضرب عنقه به، وجعل يتمثّل ببيت قيل فى أنس، قبل ذلك، وهو:
/تلمّظ السيف من شوق إلى أنس … فالسيف يلحظ والأقدار تنتظر
فضرب عنقه، فسبق السّيف الدّم، فقال الرشيد: رحم الله عبد الله بن مصعب. فقال الناس: إنّ السيف كان سيف الزّبير بن العوّام، رضى الله تعالى عنه.
وقيل (١): إنه بسبب العبّاسة أخته، فإن جعفرا كان يدخل على الرشيد بغير إذن، حتى إنه كان ربما دخل عليه وهو فى الفراش مع حظاياه، وهذه وجاهة عظيمة، ومنزلة عالية، وكان من أحظى العشراء على الشّراب، فإن الرشيد كان يستعمل فى أواخر ملكه المسكر، (٢) وكان المخلف (٢). وكان أحبّ أهله إليه أخته العبّاسة بنت المهدىّ، وكان يحضرها معه، وجعفر البرمكىّ حاضر أيضا، فزوّجه بها، ليحلّ له النّظر إليها، واشترط عليه أن لا يطأها، فكان الرشيد ربما قام وتركهما وهما ثملان من الشّراب، فربما واقعها جعفر، فاتّفق حملها منه، فولدت ولدا بعثته مع بعض جواريها إلى مكة، وكان يربّى هناك.
وذكر قاضى القضاة ابن خلّكان فى «الوفيات» (٣) صفة أخرى فى مقتل جعفر، وذلك أنه لمّا زوّج الرشيد جعفرا من العبّاسة أخته، أحبّته حبّا شديدا، فراودته عن نفسه، فامتنع أشدّ الامتناع من خشية أمير المؤمنين، فاحتالت عليه، وكانت أمّه تهدى إليه فى كلّ ليلة جمعة جارية حسناء بكرا، فقالت لأمّه: أدخلينى عليه فى صفة جارية من تلك الجوارى.
فهابت من ذلك، فتهدّدتها (٤) حتى فعلت، فلمّا دخلت عليه، وكان لا يتحقّق وجهها من مهابة الرشيد، فواقعها، فقالت له: كيف رأيت خديعة بنات الملوك؟ فقال: ومن أنت؟ فقالت: أنا العبّاسة. وحملت منه (٥) تلك الليلة، فدخل على أمّه، فقال لها: بعتينى والله برخيص.
(١) البداية والنهاية ١٠/ ١٨٩.
(٢ - ٢) لم ترد الجملة فى البداية والنهاية، وفى ط: «وكان المختلف»، وفى ن: «وكان المحلف»، والمثبت فى: س، وفى القاموس: «وأخلف النبيذ: فسد».
(٣) الجزء الأول،٣٣٣.
(٤) فى س: «فلم تزل بها»، والمثبت فى: ط، ن، وقد تصرف التميمى فى رواية ابن خلكان.
(٥) فى ن بعد هذا زيادة على ما فى ط، ن: «من».