وهيبة (١)، فوفقت على جعفر، فبكت وأحرقت (٢)، وتكلّمت فأبلغت، فقالت: أما والله لئن أصبحت للناس آية، لقد بلغت فيهم الغاية، ولئن زال ملكك، وخانك دهرك، ولم يطل به (٣) عمرك، لقد كنت المغبوط حالا، النّاعم بالا، يحسن بك الملك، وينفس بك الهلك، (٤) ولئن صرت (٤) إلى حالتك هذه، فلقد (٥) كنت الملك بحقّه، فى جلالته ونطقه، فاستعظم الناس فقدك، إذ لم يستخلفوا ملكا بعدك، فنسأل الله الصبر على عظم المصيبة (٥)، وجليل الرّزيّة، التى لا تستعاض بغيرك، والسلام عليك (٦) وداع غير قال، ولا ناس لذكرك. ثم أنشأت تقول:
العيش بعدك مرّ غير محبوب … ومذ صلبت ومقنا كلّ مصلوب (٧)
أرجو لك الله ذا الإحسان إنّ له … فضلا علينا وعفوا غير محسوب
ثم سكتت ساعة وتأمّلته، ثم أنشأت تقول:
عليك من الأحبّة كلّ يوم … سلام الله ما ذكر السّلام
لئن أمسى صداك برأى عين … على خشب حباك بها الإمام
فمن ملك إلى ملك برغم … من الأملاك أسلمك الهمام
وروى الخطيب (٨)، أن أبا قابوس النّصرانىّ، قال: دخلت على جعفر بن يحيى البرمكىّ فى يوم، فأصابنى البرد، فقال: يا غلام، اطرح عليه كساء من أكسية النّصارى، فطرح عليه كساء خزّ قيمته ألف دينار، (٩) قال: فانصرفت إلى منزلى، فأردت أن ألبسه فى يوم عيد، فلم
(١) فى تاريخ بغداد: «وهيئة».
(٢) فى تاريخ بغداد: «فأحزنت».
(٣) لم يرد فى تاريخ بغداد.
(٤) فى تاريخ بغداد: «أن تصير».
(٥) فى تاريخ بغداد: «ولقد».
(٦) فى تاريخ بغداد: «الفجيعة».
(٧) فى س بعد هذا زيادة: «سلام»، والمثبت فى: ط، ن، وتاريخ بغداد.
(٨) ومقه: أحبه.
(٩) تاريخ بغداد ١٥٨،٧/ ١٥٧.