رزقى لا يأكله غيرى، وعلى أنّ أجلى لا أدرى متى هو، وعلى أنى لا أغيب عن الله تعالى طرفة عين.
قال (١): وسمعت حاتما يقول: لو أنّ صاحب خبر يجلس إليك ليكتب كلامك لاحترزت منه، وكلامك يعرض على الله فلا تحترز.
وقال له رجل (٢): بلغنى أنّك تجوز المفاوز من غير زاد.
فقال حاتم: بل أجوزها بالزّاد، وإنّما زادى فيها أربعة أشياء.
قال: ما هى؟
قال: أرى الدنيا كلّها ملكا لله، وأرى الخلق كلّهم عباد الله وعياله، وأرى الأسباب والأرزاق كلّها بيد الله، وأرى قضاء الله نافذا فى كلّ أرض.
فقال له الرجل: نعم الزّاد زادك يا حاتم، أنت تجوز به مفاوز الآخرة، فكيف مفاوز الدنيا!!
وقال، ﵁ (٣): خرجت فى سفر ومعى زاد، فنفد زادى فى وسط البرّيّة، فكان قلبى فى البرّيّة والحضر واحدا.
وذكر عن حاتم أنه قال (٤): لقينا التّرك مرّة، وكان بيننا جولة (٥)، فرمانى تركىّ بوهق (٦) فأقلبنى (٧) عن فرسى، ونزل عن دابّته، وقعد على صدرى، وأخذ بلحيتى هذه الوافرة، وأخرج من خفّه سكّينا ليذبحنى بها، فو حقّ سيدى ما كان قلبى عنده ولا عند سكّينه، إنما كان قلبى عند سيّدى، انظر ماذا ينزل به القضاء منه، فقلت: سيدى قضيت علىّ أن يذبحنى هذا فعلى الرّأس والعين، إنّما أنا لك وملكك، فبينا أنا أخاطب سيدى وهو قاعد على صدرى، آخذ/بلحيتى ليذبحنى، إذ رماه بعض المسلمين بسهم فما أخطأ حلقه، فسقط
(١) تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٣.
(٢) تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٣.
(٣) تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٤.
(٤) تاريخ بغداد ٢٤٥،٨/ ٢٤٤.
(٥) تكملة من تاريخ بغداد.
(٦) الوهق: الحبل يرمى فى أنشوطة فتؤخذ به الدابة والإنسان. القاموس (وهق).
(٧) ساقط من: ط، ن، وهو هكذا فى: س، وتاريخ بغداد.