قالوا: مدينة الرسول ﷺ.
قال: فأين قصر رسول الله ﷺ لأصلّى فيه ركعتين؟
قالوا: ما كان له قصر، إنّما كان له بيت لاطىّ (١).
قال: قصور أهله وأزواجه وأصحابه بعده؟
قالوا: ما لهم إلاّ بيوت لاطيّة.
فقال حاتم: يا قوم، هذه مدينة فرعون.
قال: فلبّبوه (٢) وذهبوا به إلى الوالى، فقالوا: هذا العجمىّ (٣) يقول: هذه مدينة فرعون.
فقال له الوالى: لم قلت ذلك؟
فقال له حاتم: لا تعجل علىّ أيّها الأمير، أنا رجل غريب، دخلت هذه المدينة، فسألت:
أىّ مدينة هذه؟ فقالوا: مدينة الرسول ﷺ. فقلت: وأين قصر الرّسول ﷺ لأصلّى فيه ركعتين؟ قالوا: ما كان له قصر، إنّما كان له بيت لاطىّ. قلت:
فقصور (٤) أهله وأزواجه وأصحابه بعده؟ قالوا: ما كان لهم إلاّ بيوت لاطيّة. وسمعت الله تعالى يقول: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ (٥)، فأنتم بمن تأسّيتم؛ برسول الله ﷺ، أو بأصحابه، أو بفرعون أوّل من بنى بالجصّ والآجرّ؟
فخلّوا عنه، وعرفوا أنّه حاتم الأصمّ، وعلموا (٦) قصده.
وكان كلّما دخل المدينة يكون له مجلس عند قبر النبىّ ﷺ، يحدّث ويدعو، فاجتمع إليه مرّة علماء المدينة، وقالوا: تعالوا نخجله فى مجلسه، كما فعل بنا عند الوالى.
(١) لاطى: لاصق بالأرض.
(٢) لببوه: أخذوه بتلبيبه، أى جمعوا ثيابه عند نحره وصدره ثم جروه.
(٣) فى ن: «عجمى»، والمثبت فى: س، ط.
(٤) فى س، ط: «فبيوت»، والتصويب من: ن، وقد مر.
(٥) سورة الأحزاب ٢١.
(٦) فى س: «وعرفوا»، والمثبت فى: ط، ن.