كم أقاما على زوال نهار … وأنارا لمدلج فى سواد
تعب كلّها الحياة فما أع … جب إلاّ من راغب فى ازدياد
إنّ حزنا فى ساعة الفوت أضعا … ف سرور فى ساعة الميلاد
خلق الناس للبقاء فضلّت … أمّة يحسبونهم للنّفاد
إنّما ينقلون من دار أعما … ل إلى دار شقوة أو رشاد
ضجعة الموت رقدة يستريح ال … جسم فيها والعيش مثل السّهاد
أبنات الهديل أسعدن أوعد … ن قليل العزاء بالإسعاد
إيه لله درّكنّ فأنتن … اللّواتى يحسنّ حفظ الوداد
ما نسيتنّ هالكا فى الأوان ال … خال أودى من قبل هلك إياد (١)
بيد أنّى لا أرتضى ما فعلتنّ … وأطواقكنّ فى الأجياد
فتسلّبن واستعرن جميعا … من قميص الدّجى ثياب حداد (٢)
ثمّ غرّدن فى المآتم واندب … ن بشجو مع الغوانى الخراد (٣)
قصد الدهر من أبى حمزة الأوّ … اب مولى حجى وخدن اقتصاد
وفقيها أفكاره شدن للنّع … مان ما لم يشده شعر زياد (٤)
وختمها بقوله:
بان أمر الإله واختلف النّ … اس فداع إلى ضلال وهاد (٥)
والذى حارت البريّة فيه … حيوان مستحدث من جماد
واللّبيب اللّبيب من ليس يغترّ … بكون مصيره لفساد (٦)
***
(١) فى ط: «فى الأوان الحال أو من ذى قبل هلك إياد»، والمثبت في: س، ن، وشروح سقط الزند، والتنوير.
(٢) يقال: تسلبت النائحة أو الثاكل، إذا نزعت ثيابها ولبست ثيابا سوداء.
(٣) فى ط، ن: «مع الغوانى الخواد»، والصواب فى: س، وشروح سقط الزند، والتنوير.
والخراد: جمع الخريدة، وهى الشديدة الحياء.
(٤) يعنى أن أفكاره شادت للإمام أبى حنيفة ﵁، ما لم يشده شعر النابغة الذبيانى للنعمان بن المنذر.
(٥) سقطت: «واختلف» من ط، وهى فى: س، ن، وشروح سقط الزند، والتنوير. وفى ن: «إلى الضلال وهاد».
(٦) فى التنوير: «مصيره للفساد».