وأمّا من جهة الأمّ فهو سبط إياس باشا، الذى كان رأس/الوزارء فى أيّام دولة السلطان سليمان، رحمه الله تعالى، وكان من موالى السلطان بايزيد خان بن السلطان محمد خان، رحمهما الله تعالى، فصاحب التّرجمة، كما تراه، ما نشأ إلاّ فى حجر الدّولة، ولا غذى إلاّ بدرّة السّعادة.
وقد دأب وحصّل، وأجمل وفصّل، وسهر الليالى، فى القراءة على كبار الموالى، مثل يحيى أفندى الذى كان متقاعدا من إحدى المدارس الثّمان، وكان أخا للسلطان سليمان من الرّضاعة، وكان السلطان، رحمه الله تعالى، يعظّمه ويبجّله ويزوره أحيانا، ويقبل شفاعاته، وكان مشهورا بالصّلاح والولاية، وستأتى ترجمته فى محلّها من حرف الباء، إن شاء الله تعالى.
ومثل عبد الغنىّ أفندى، ومحمد أفندى مفتى الدّيار الرّوميّة المعروف ببستان زاده، وفضل أفندى ابن المفتى علاء الدّين الجمالىّ، وقاضى القضاة محمد أفندى المعروف بأخى زاده.
وآخر من قرأ عليه، وأخذ عنه، مفتى الدّيار الرّوميّة، بل الممالك الإسلاميّة، أبو السّعود العمادىّ صاحب «التفسير» المشهور، والفضل المذكور، رحمه الله تعالى، ومنه صار ملازما.
وما زال صاحب التّرجمة يأخذ الفضائل عن أهلها، ويستخرج الجواهر من محلّها، ويحضر دروس العلماء، ويحاضر الأئمّة البلغاء، ويفيد ويستفيد، ويتنقّل فى المناصب إلى أن صار مدرّسا بمدرسة السلطان سليم الأوّل، بمدينة إصطنبول.
ثم لمّا نوّر الله تعالى عين بصيرته، وطهّر من دنس المناصب فؤاد سريرته، ورأى أنّ الدنيا لا بقاء لها، ولا وثوق بها، وأنّ الأخرى هى دار البقاء، وأنّ سعادتها نعم السّعادة وشقاها بئس الشّقاء، ترك الفانى، واختار الباقى، وأقبل على الله تعالى إقبال عالم بما أحبّ واختار، وتارك لما يقرّب من عذاب النّار.
وعزم على الإقامة بالدّيار المصريّة، أو المجاورة بالأقطار الحجازيّة، إلى آخر عمره، أو إلى انقطاع نصيبه، وأن يطلب من فضل الله تعالى، ثمّ من (١) حضرة السلطان نصره الله تعالى، أن يعيّن له من بيت المال ما يكفيه هو ومن معه من العيال، فعيّنوا له (٢) من الدّراهم (٢) ومن الغلال.
(١) فى س: «ومن» والمثبت فى: ط، ن.
(٢ - ٢) فى س: «ما طلب من المال»، والمثبت فى: ط، ن.