وقال بشر بن الحارث (١): سمعت حفصا يقول: لو رأيت أنّى أسرّ بما أنا فيه لهلكت. (٢).
وروى عن ولده عمر، أنه قال (٣): لمّا حضرت أبى الوفاة أغمى عليه، فبكيت عند رأسه، فأفاق، فقال: ما يبكيك؟ قلت: أبكى لفراقك، ولما دخلت فيه من هذا الأمر (٤).
فقال: لا تبك فإنّى ما حللت سراويلى على حرام، ولا جلس بين يدى خصمان فباليت على من توجّه الحكم منهما.
وروى (٥) أنّه كان جالسا فى مجلس القضاء، فأرسل إليه الخليفة يدعوه، فقال: أفرغ من أمر الخصوم إذ كنت أجيرا لهم، وأصير إلى أمير المؤمنين. ولم يقم حتى تفرّق الخصوم.
وحكى عنه ولده (٦)، أنّه مرض خمسة عشر يوما، فدفع إليه مائة درهم، وقال: امض بها إلى العامل، وقل له: هذه رزق خمسة عشر يوما لم أحكم فيها بين المسلمين، لا حظّ لى فيها.
وحدّث يحيى بن اللّيث، قال (٧): باع رجل من أهل خراسان جمالا بثلاثين ألف درهم، من مرزبان المجوسىّ، وكيل أمّ جعفر، فمطله بثمنها وحبسه، فطال على الرجل ذلك، فأتى بعض أصحاب حفص بن غياث فشاوره، فقال: اذهب إليه فقل له: أعطنى ألف درهم، وأحيل عليك بالمال الباقى. واخرج إلى خراسان، فإذا فعل هذا فالقنى حتى أشير عليك. ففعل الرجل وأتى مرزبان فأعطاه ألف درهم، فرجع إلى الرجل فأخبره، فقال:
عد إليه فقل: إذا ركبت غدا فاجعل طريقك على القاضى حتى أوكّل (٨) عنده رجلا بقبض المال وأخرج. فاذا جلس إلى القاضى فادّع عليه بما بقى لك من المال، فإذا أقرّ حبسه حفص، وأخذت مالك.
(١) فى تاريخ بغداد ٨/ ١٩٠.
(٢) فى الأصول: «فهلكت»، والتصويب من: تاريخ بغداد.
(٣) تاريخ بغداد ٨/ ١٩٠.
(٤) زاد فى تاريخ بغداد: «يعنى القضاء».
(٥) تاريخ بغداد ٨/ ١٩٠.
(٦) تاريخ بغداد ١٩١،٨/ ١٩٠.
(٧) القصة فى تاريخ بغداد ٨/ ١٩١ - ١٩٣.
(٨) فى تاريخ بغداد: «حتى تحضر وأوكل».