فرجع إلى مرزبان (١)، فسأله فى ذلك، فأجابه، فلمّا حضر مرزبان إلى مجلس حفص قال الرجل: أصلح الله القاضى، لى على هذا الرجل تسعة وعشرون ألف درهم.
فقال حفص: ما تقول يا مجوسىّ؟ قال: صدق، أصلح الله القاضى.
قال: ما تقول يا رجل؟ فقد أقرّ لك. فقال: يعطينى مالى، أصلح الله القاضى.
فأقبل حفص على المجوسىّ فقال: ما تقول؟ فقال: هذا المال على السّيّدة. قال:
أنت أحمق تقرّ ثم تقول على السّيّدة، ما تقول يا رجل؟ قال: أصلح الله القاضى، إن أعطانى مالى وإلاّ حبسته. قال حفص: ما تقول يا مجوسىّ؟ قال: المال على السّيّدة. فقال حفص:
خذوا بيده إلى الحبس.
فلمّا حبس بلغ الخبر أمّ جعفر، فغضبت، وبعثت إلى السّندىّ: وجّه إلىّ مرزبان.
وكانت القضاة تحبس الغرماء فى الحبس، فعجل السّندىّ فأخرجه.
وبلغ حفصا الخبر، فقال: أحبس أنا ويخرج السّندىّ!! لا جلست مجلسى هذا أو يردّ مرزبان إلى الحبس.
فجاء السّندىّ إلى أمّ جعفر، فقال: الله الله فىّ (٢)، إنّه حفص بن غياث، وأخاف من أمير المؤمنين أن يقول لى: بأمر من أخرجته، ردّيه إلى الحبس وأنا أكلّم حفصا فى أمره.
فأجابته، ورجع مرزبان إلى الحبس، فقالت أمّ جعفر لهارون: قاضيك هذا أحمق، حبس وكيلى، واستخفّ به، فمره لا ينظر فى الحكم، وتولّى أمره إلى أبى يوسف. فأمر لها بالكتاب.
وبلغ حفصا الخبر فقال للرجل: أحضر لى شهودا حتى أسجّل لك على المجوسىّ بالمال. فجلس حفص وسجّل على المجوسىّ، وورد كتاب هارون مع خادم له، فقال: هذا كتاب/أمير المؤمنين. قال: مكانك نحن فى شيء حتى نفرغ منه. فقال: كتاب أمير المؤمنين.
قال: انظر ما يقال لك.
فلمّا فرغ حفص من السّجلّ أخذ الكتاب من الخادم، فقرأه فقال: اقرأ على
(١) سلك المصنف طريق الاختصار فى هذا الموضع من القصة. انظر تاريخ بغداد.
(٢) تكملة من تاريخ بغداد.