وعن الحسن بن زياد: كان زفر وداود الطّائىّ متواخيين، فأمّا داود فقد ترك الفقه وأقبل على العبادة، وأمّا زفر فإنّه جمع بين الفقه والعبادة.
وعن مليح بن وكيع، عن أبيه، قال: كان زفر شديد الورع، شديد الاجتهاد والعبادة، حسن الرّأى، قليل الكتاب، يحفظ ما يسمعه، ولمّا مات أبو حنيفة أقبل الناس على زفر، فما كان يأتى أبا يوسف إلاّ نفر يسير.
وعن محمد بن وهب: كان زفر أحد العشرة الأكابر، الذين دوّنوا كتب/أبى حنيفة، وكان زفر رأس حلقته.
وعن الحسن بن زياد، قال: كان المقدّم فى أصحاب أبى حنيفة فى مجلسه زفر، وكان قلوبهم إليه أميل.
وعن بشر بن القاسم: سمعت زفر يقول: لا أخلّف بعد موتى شيئا أخاف الحساب عليه.
وقوّم ما فى منزله بعد موته، فلم يبلغ ثلاثة دراهم.
وعن وكيع: لمّا احتضر زفر، رحمه الله تعالى، دخل عليه أبو يوسف وغيره، فقالوا: ألا توصى يا أبا الهذيل؟.
فقال: هذا المتاع الذى ترونه لهذه المرأة، وهذه الثّلاثة آلاف (١) درهم لولد أخى، وليس لأحد علىّ شئ، ولا لى على أحد شئ.
وكان زفر يشبه وجهه وجوه (٢) العجم، ولسانه لسان العرب. ﵀.
وممّا مدح به الإمام زفر، رضى الله تعالى عنه، قول بعضهم (٣)
إنّ القياس جلا مرآته زفر … فمنكروه لما قدنا لهم زفروا (٤)
قوس القياس به كانت موتّرة … ما عاش فالآن لا قوس ولا وتر (٥)
(١) كذا: «آلاف» ووجهه: «الآلاف».
(٢) فى ن: «وجه».
(٣) نقل الكوثرى، فى لمحات النظر ٣٠،٢٩، الأبيات، ولم ينقل الأول لما فيه من تحريف.
(٤) فى النسخ: «لما قانا».
(٥) عجز البيت فى لمحات النظر: «ما عاش والآن أضحت ما لها وتر».