وَتَحْصُلُ بِكُلِّ ذِكْرٍ، لَكِنَّ الْوَارِدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ» (قَبْلَ الِاسْتِنْجَاء وَبَعْده) إلَّا حَالَ انْكِشَافٍ وَفِي مَحَلِّ نَجَاسَةٍ فَيُسَمِّي بِقَلْبِهِ؛ وَلَوْ نَسِيَهَا فَسَمَّى فِي خِلَالِهِ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ، بَلْ الْمَنْدُوبُ.
وَأَمَّا الْأَكْلُ فَتَحْصُلُ السُّنَّةُ فِي بَاقِيهِ لَا فِيمَا فَاتَ، وَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ.
ــ
رد المحتار
أَنَّ مُرَاعَاةَ اسْتِحْبَابِ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ يُفَوِّتُ الْبَدْءَ بِالتَّسْمِيَةِ حَقِيقَةً، فَيَكُونُ إضَافِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ:: وَتَحْصُلُ بِكُلِّ ذِكْرٍ) فَلَوْ كَبَّرَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ حَمِدَ كَانَ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ يَعْنِي لِأَصْلِهَا وَكَمَالِهَا بِمَا يَأْتِي، أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْوَارِدَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَفْظُهَا الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ، وَقِيلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ» قِيلَ: الْأَفْضَلُ " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم " بَعْدَ التَّعَوُّذِ. وَفِي الْمُجْتَبَى يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِاسْمِ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْوُضُوءِ، وَالْبُدَاءَةُ فِي الْوُضُوءِ شُرِعَتْ بِالتَّسْمِيَةِ حِلْيَةٌ، وَفِيهَا: ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ. أَمَّا عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» وَزَادَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ السَّكَنِ فِي أَوَّلِهِ " بِسْمِ اللَّهِ " وَالْخُبُثُ: بِضَمَّتَيْنِ وَيَجُوزُ تَسْكِينُ الْبَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ جَمْعُ خَبِيثٍ، وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِمَا ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) لِأَنَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْوُضُوءِ دُرَرٌ؟ وَفِيهَا أَنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ تُسَنُّ قَبْلَهُ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بَعْدَهُ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا حَالَ انْكِشَافٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسَمِّي قَبْلَ رَفْعِ ثِيَابِهِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَإِلَّا فَقَبْلَ دُخُولِهِ، فَلَوْ نَسِيَ فِيهِمَا سَمَّى بِقَلْبِهِ، وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ تَعْظِيمًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: بَلْ الْمَنْدُوبُ) قَالَ فِي السِّرَاجِ: إنَّهُ يَأْتِي بِهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ وُضُوءُهُ عَنْهَا، وَقَالُوا: إنَّهَا عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ مَنْدُوبَةٌ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَكْلُ إلَخْ) أَيْ إذَا نَسِيَهَا فِي ابْتِدَائِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ فِي الْوُضُوءِ، وَقَالَ بِخِلَافِ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ عَمَلٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ الْأَكْلِ، فَإِنَّ كُلَّ لُقْمَةٍ فِعْلٌ مُبْتَدَأٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ كُلَّمَا أَكَلْتُ اللَّحْمَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ بِكُلِّ لُقْمَةٍ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ لُقْمَةٍ أَكْلٌ. اهـ. وَذُكِرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَسْتَلْزِمُ فِي الْأَكْلِ تَحْصِيلَ السُّنَّةِ فِي الْبَاقِي لَا اسْتِدْرَاكَ مَا فَاتَ، وَقَالَ شَارِحُ الْمُنْيَةِ: وَالْأَوْلَى أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا فَاتَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى طَعَامِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَا حَدِيثَ فِي الْوُضُوءِ اهـ أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا فَاتَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ أَوَّلَهُ فَائِدَةٌ، وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْرَاكُ فِي الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ «بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرِهِ» لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَارِدٌ فِي الْأَكْلِ وَلَا حَدِيثَ فِي الْوُضُوءِ. وَقَدْ يُقَالُ: إذَا حَصَلَ بِهِ الِاسْتِدْرَاكُ فِي الْأَكْلِ مَعَ أَنَّهُ أَفْعَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ يَحْصُلُ فِي الْوُضُوءِ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَاحِدٌ فَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ إذَا سَمَّى فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: وَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) أَيْ إذَا أَرَادَ تَحْصِيلَ السُّنَّةِ فِيمَا فَاتَ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مَا لَمْ يَقُلْ. تَتِمَّةٌ
مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالتَّسْمِيَةِ سُنَّةٌ هُوَ مُخْتَارُ الطَّحَاوِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَرَجَّحَ فِي الْهِدَايَةِ نَدْبَهَا، قِيلَ: وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ نَهْرٌ. وَتَعَجَّبَ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ حَيْثُ رَجَّحَ هُنَا وُجُوبَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْحَقَّ مَا عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا مِنْ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ. كَيْفَ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ فِيهَا