وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي فَأَجَازَ طَلُقَتْ اعْتِبَارًا بِالْإِنْشَاءِ، كَذَا أَبَنْتُ نَفْسِي إذَا نَوَى وَلَوْ ثَلَاثًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. وَفِي اخْتَرْتُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ إلَّا جَوَابًا.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ: مَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا فَلْيَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ فَفَعَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا، وَقِيلَ لَا، انْتَهَى.
وَسُئِلَ أَبُو اللَّيْثِ عَمَّنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: كُلُّ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ فَلْيُصَفِّقْ بِيَدِهِ فَصَفَّقُوا فَقَالَ طُلِّقْنَ، وَقِيلَ لَيْسَ هُوَ بِإِقْرَارٍ.
جَمَاعَةٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: مَنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ هَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَالِفُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ كَلِمَةَ (مَنْ) لِلتَّعْمِيمِ
ــ
رد المحتار
الثَّلَاثَ، أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ
(قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِالْإِنْشَاءِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَيَمْلِكُ الْإِجَازَةَ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ بِالْأَوْلَى شَرْحُ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ إذَا نَوَى) صَوَابُهُ إذَا نَوَيَا بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى كَمَا هُوَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ قَالَ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَبَنْتُ نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْتُ لِمَا قُلْنَا، لَكِنْ بِشَرْطِ نِيَّةِ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ وَتَصِحُّ هُنَا نِيَّةُ الثَّلَاثِ.
أَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الزَّوْجِ فَلِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْنُونَةِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَقَالُوا يَجِبُ أَنْ يَشْتَرِطَ حَتَّى يَقَعَ التَّصَرُّفُ تَطْلِيقًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَأَمَّا بِدُونِ نِيَّتِهَا يَقَعُ إخْبَارًا عَنْ بَيْنُونَةِ الشَّخْصِ أَوْ بَيْنُونَةِ شَيْءٍ آخَرَ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ فَلَا يَتَوَقَّفُ. وَأَمَّا صِحَّةُ نِيَّةِ الثَّلَاثِ فَلِمَا عُرِفَ مِنْ احْتِمَالِ لَفْظِ هَذِهِ الْكِنَايَةِ الثَّلَاثَ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ أَجَزْتُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ طَلَّقْت فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ ح (قَوْلُهُ وَفِي اخْتَرْتُ لَا يَقَعُ إلَخْ) أَيْ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ اخْتَرْتُ نَفْسِي مِنْكَ فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْتُ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ قَوْلَهَا اخْتَرْتُ لَمْ يُوضَعْ لِلطَّلَاقِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، وَلِهَذَا لَوْ أَنْشَأَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهَا اخْتَرْتُكِ أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسَكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَلَا عُرِفَ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ بِهِ إلَّا إذَا وَقَعَ جَوَابًا لِتَخْيِيرِ الزَّوْجِ إيَّاهَا فِي الطَّلَاقِ شَرْحُ التَّلْخِيصِ
(قَوْلُهُ مَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِرَفْعِ حَرَامٍ، وَالصَّوَابُ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ النَّصْبِ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ (قَوْلُهُ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا) عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ اهـ وَأَفَادَ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ أَيْ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ دِيَانَةً إذَا لَمْ يَكُنْ حَرَّمَهَا مِنْ قَبْلُ، كَمَا أَخْبَرَ بِطَلَاقِهَا كَاذِبًا.
لَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ لَا تَصِحُّ لُغْزًا لِأَنَّهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَا لَفْظٍ أَصْلًا لَا صَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَبِلَا رِدَّةٍ وَإِبَاءٍ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا إقْرَارٌ عَنْ تَحْرِيمٍ مِنْهُ سَابِقٍ طَلَاقٌ لَا إنْشَاءُ طَلَاقٍ فِي الْحَالِ بِغَيْرِ لَفْظٍ، نَعَمْ يُقَالُ هَذَا إقْرَارٌ بِغَيْرِ لَفْظٍ بَلْ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَلَا فِعْلٍ كَالسُّكُوتِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَسُئِلَ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَبَيَانٌ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِعْلِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَبَيْنَ التَّحْرِيمِ الْمُفِيدِ الْبَائِنِ وَالتَّطْلِيقِ الْمُفِيدِ الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ طُلِّقْنَ) أَيْ طُلِّقَ نِسَاءُ كُلٍّ مِنْ الْمُصَفِّقِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا التَّصْفِيقَ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَالِفُ) سَكَتَ عَمَّا إذَا تَكَلَّمَ غَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْمُتَكَلِّمِ لَا يَسْرِي حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا قَالَ الْغَيْرُ وَأَنَا كَذَلِكَ مَثَلًا، وَأَمَّا الْفَرْعَانِ السَّابِقَانِ فَجُعِلَا مِنْ الْإِقْرَارِ لَا الْإِنْشَاءِ وَالتَّعْلِيقُ إنْشَاءٌ ط.
قُلْتُ: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ جَمَاعَةٌ كَأَنْ يَصْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَنْ صَفَعَ صَاحِبَهُ بَعْدَهُ فَامْرَأَتُهُ