إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْقَاضِي بِتَزْوِيجِهَا كَانَ وَكِيلًا، وَإِذَا أَعْطَى فَقِيرًا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ كَانَ لَهُ إعْطَاءُ غَيْرِهِ
أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورَةِ فَأَمْرُهُ فَتْوَى فَلَوْ صَرَفَ بِغَيْرِهِ صَحَّ
الْقَاضِي يُحَلِّفُ غَرِيمَ الْمَيِّتِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ
ــ
رد المحتار
وَتَفَاصِيلُ ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ، وَوَجْهُ الْأُولَى أَنَّ فِعْلَهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، وَوَجْهُ الثَّانِيَةِ أَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِ الْوَاقِفِ فَلِقَاضٍ آخَرَ نَقْضُهُ كَمَا فِي مُنْتَخَبِ الْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ، وَقَيَّدَ ذَلِكَ فِيهِ بِقَيْدَيْنِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ أَعْطَى الْقَاضِي بَعْضَ الْقَرَابَةِ أَيْ فَقِيرًا مِنْ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ، وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ رَاتِبَةً فِي الْوَقْفِ كَانَ لِقَاضٍ آخَرَ نَقْضُهُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّ تَقْرِيرَ الْقَاضِي الْمَرْتَبَاتِ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا حَكَمَ بِعَدَمِ تَقْرِيرِ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ وَهِيَ فِي الْخَصَّافِ أَفَادَهُ الْبِيرِيُّ
مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ
(قَوْلُهُ: أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ) قَدَّمْنَا أَوَّلَ الْقَضَاءِ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِحَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ كَأَمْرِهِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ وَعَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِصَرْفِ كَذَا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ إلَى فَقِيرٍ مِنْ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ لَيْسَ بِحُكْمٍ حَتَّى لَوْ صَرَفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِمْ: سَلِّمْ الدَّارَ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ هُنَاكَ
مَطْلَبُ يُحَلِّفُ الْقَاضِي غَرِيمَ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ: الْقَاضِي يُحَلِّفُ غَرِيمَ الْمَيِّتِ) لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ هَذَا التَّحْلِيفَ وَاجِبٌ أَمْ لَا، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْمَقْدِسِيَّ، لَكِنْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُحَلِّفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ دَيْنَك مِنْ الْمَدْيُونِ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَهُ قَابِضٌ وَلَا أَبْرَأْته وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَك بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ اهـ. وَعَلَّلَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لِلْوَارِثِ هَا هُنَا، وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ فَالْحَقُّ فِي هَذَا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَعَلَى الْقَاضِي الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ قَبْلَهُ. وَلَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحْلِفَهُ اهـ فَحَيْثُ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْلِيفِهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ، حَتَّى يَسْتَحْلِفَ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَوْفِ الدَّعْوَى شَرْطَهَا فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِالدَّفْعِ وَالْقَبْضِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ، بِالْحُكْمِ بِأَصَحِّ أَقْوَالِ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَكَمَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ فَكَيْفَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّحْلِيفِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحَامِدِيَّةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ الدَّعْوَى: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلدَّيْنِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي حَقًّا فِي التَّرِكَةِ، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْوَلْوَالِجيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَيِّتِ دَيْنَهُ وَبَرْهَنَ هَلْ يَحْلِفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ احْتِيَاطًا اهـ قَالَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ: قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي مَسْأَلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى حَقِيقَةِ الدَّفْعِ فَانْتَفَى الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ اهـ. وَهَذَا وَجِيهٌ كَمَا لَا يَخْفَى. تَنْبِيهٌ
قَيَّدَ بِالْقَاضِي؛ لِأَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ الْمَيِّتُ عِنْدَهُ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبِيرِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ) أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: عَرَفْنَا أَنَّ الدَّيْنَ إذَا تَقَادَمَ وُجُوبُهُ حَتَّى يُتَوَهَّمَ سُقُوطُهُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ فَغَرِيمُ الْمَيِّتِ يُسْتَحْلَفُ، وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا ثَبَتَ