لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَمِينِ الْقَاضِي أَنَّهُ حَلَّفَ الْمُخَدَّرَةَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ.
مَنْ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي الَّذِي لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ اهـ وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ عَنْ الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ مَعْزِيًّا لِلْمَبْسُوطِ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ مُخَالَفَةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَوْ غَالِبُهُ قُرًى وَمَزَارِعَ، وَأَنَّهُ يَعْمَلُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ غَايَرَ الشَّرْطَ فَلْيُحْفَظْ.
قُلْت: وَأَجَابَ صُنْعِي أَفَنْدِي بِأَنَّهُ مَتَى كَانَ فِي الْوَقْفِ سَعَةٌ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي أَدَاءِ خِدْمَتِهِ لَا يُمْنَعُ فَتَنَبَّهْ
وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ يُحْبَسُ الْوَلِيُّ بِدَيْنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يُوفِيَهُ أَوْ يَظْهَرَ فَقْرُ الصَّغِيرِ
قُلْت: لَكِنْ قَدَّمَ شَارِحُهَا عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَالْبَالِغَ وَالصَّبَى فِي الْحَبْسِ سَوَاءٌ فَيُتَأَمَّلْ نَفْيُهُ هُنَا قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، قَالَ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْبَيْعُ مَعَ وُجُودِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ.
قُلْت: وَفِي الْقُنْيَةِ وَمَتَى بَاعَا فَلِلْقَاضِي نَقْضُهُ لَوْ أَصْلَحَ كَمَا نَظَمَهُ الشَّارِحُ فَضَمَمْته لِلْمَتْنِ مُغَيِّرًا لِبَعْضِهِ فَقُلْت:
وَيُنْقَضُ بَيْعٌ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ ... وَلَوْ مُصْلِحًا وَالْأَصْلَحُ النَّقْضُ يُسْطَرُ
ــ
رد المحتار
بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّ الْغَرِيمَ لَا يُسْتَحْلَفُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِالدُّيُونِ لِلْغُرَمَاءِ، فَإِنَّهُمْ يُعْطُونَ ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْيَمِينَ وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ الْيَمِينَ هُنَا وَهَذَا الشَّيْءُ اُسْتُفِيدَ مِنْ جِهَتِهِ اهـ، بِيرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ حَلَّفَ الْمُخَدَّرَةَ) هِيَ الَّتِي لَا تُخَالِطُ الرِّجَالَ وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ وَحَمَّامٍ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِشَاهِدَيْنِ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ، وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ غَيْرِ الْأَمِينِ، وَقَدَّمَ عَنْ الصُّغْرَى أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ شَاهِدٍ مَعَهُ قَالَ شَيْخُ صَالِحٌ: وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ ط.
(قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَمْرُ السُّلْطَانِ إنَّمَا يَنْفُذُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ لِلسُّلْطَانِ مُخَالَفَةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ) فَيَجُوزُ لَهُ إحْدَاثُ وَظِيفَةٍ أَوْ مُرَتَّبٍ إذَا كَانَ الْمُقَرَّرُ فِي ذَلِكَ مِنْ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ ط.
(قَوْلُهُ: لَوْ غَالِبُهُ قُرًى وَمَزَارِعَ) بِأَنْ كَانَ الْوَاقِفُ لَهُ سُلْطَانًا أَوْ وَاحِدًا مِنْ الْأُمَرَاءِ، وَلَمْ يُعْلَمْ تَمَلُّكُهُ لَهَا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؛ وَلِذَا عَلَّلَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَفْتَى الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي بِأَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ لَا يُرَاعَى شُرُوطُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ اهـ. وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ صُنْعِي أَفَنْدِي) أَيْ عَنْ سُؤَالٍ سُئِلَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: مَتَى كَانَ فِي الْوَقْفِ سَعَةٌ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ غَلَّتُهُ وَافِرَةً.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَصِّرْ) أَيْ ذُو الْوَظِيفَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا السُّلْطَانُ.
(قَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ) أَيْ مِنْ تَنَاوُلِ مَا قَرَّرَهُ لَهُ
مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ
(قَوْلُهُ: يُحْبَسُ الْوَلِيُّ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ لَا يُحْبَسُ صَبِيٌّ عَلَى دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَلَوْ لَهُ مَالٌ مِنْ عُرُوضٍ وَعَقَارٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ، وَالرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي، فَيَأْذَنُ فِي بَيْعِ بَعْضِ مَالِهِ لِلْإِيفَاءِ، وَلَوْ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ يُحْبَسُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ أَيْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَلَا يُحْبَسُ الصَّبِيُّ إلَّا بِطَرِيقِ التَّأْدِيبِ؛ لِئَلَّا يَتَجَاسَرَ إلَى مِثْلِهِ إذَا بَاشَرَ شَيْئًا مِنْ أَسْبَابِ التَّعَدِّي قَصْدًا فَلَوْ خَطَأً فَلَا كَذَا فِي كَفَالَةِ الْمَبْسُوطِ وَفِي الْمُحِيطِ لِلْقَاضِي حَبْسُ الصَّبِيِّ التَّاجِرِ تَأْدِيبًا لَا عُقُوبَةً؛ لِئَلَّا يُمَاطِلَ حُقُوقَ الْعِبَادِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ يُؤَدَّبُ لِيَنْزَجِرَ عَنْ الْأَفْعَالِ الذَّمِيمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيُتَأَمَّلُ نَفْيُهُ هُنَا) قَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَتَيْ الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ أَنَّ نَفْيَهُ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ وَإِثْبَاتَهُ عَلَى وَجْهِ التَّأْدِيبِ وَهُوَ شَامِلٌ أَيْضًا لِلْمَأْذُونِ وَالْمَحْجُورِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَقَدْ عَزَاهُ فِي النَّهْرِ لِلطَّرَسُوسِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمَبْسُوطِ وَلَوْ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلِلْقَاضِي نَقْضُهُ) أَيْ نَقْضُ بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ لَوْ النَّقْضُ أَصْلَحَ لِلصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا نَظَمَهُ الشَّارِحُ) أَيْ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ الْقَاضِي عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُصْلِحًا) إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ شَرْطَ بَيْعِ الْأَبِ عَقَارَ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ كَوْنُهُ مَحْمُودًا أَوْ مَسْتُورًا، فَلَوْ كَانَ مُفْسِدًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِضِعْفِ الْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلَحُ النَّقْضُ)