إلَّا إذَا كَانَ حَلِفُهُ الْأَوَّلُ عِنْدَهُ فَيَكْفِي دُرَرٌ. وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ التَّحْلِيفَ حَقُّ الْقَاضِي، فَمَا لَمْ يَكُنْ بِاسْتِحْلَافِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ.
(وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ حَلَفَ فَالْخَصْمُ ضَامِنٌ) لِلْمَالِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَمْ يَضْمَنْ) الْخَصْمُ لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرَ الشَّرْعِ.
(وَالْيَمِينُ لَا تُرَدُّ عَلَى مُدَّعٍ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» وَحَدِيثُ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ضَعِيفٌ، بَلْ رَدَّهُ ابْنُ مَعِينٍ، بَلْ أَنْكَرَهُ الرَّاوِي عَيْنِيٌّ. .
(بَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (عَلَى دَعْوَاهُ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الدَّعْوَى أَوْ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ أَوْ مُحِقُّونَ فِي الشَّهَادَةِ لَا يُجِيبُهُ) الْقَاضِي إلَى طَلَبِهِ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَا يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ فَكَيْفَ الشَّاهِدُ لِأَنَّ لَفْظَ أَشْهَدُ عِنْدَنَا يَمِينٌ، وَلَا يُكَرَّرُ الْيَمِينُ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ وَلِذَا لَوْ (عَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ) وَيَعْمَلُ بِالْمَنْسُوخِ (لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ لَهُ سَبَبٌ (أَحَقُّ مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ) لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي وَالْبَيِّنَةُ لَهُ بِالْحَدِيثِ، بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ كَنِتَاجٍ وَنِكَاحٍ فَالْبَيِّنَةُ لِذِي الْيَدِ إجْمَاعًا كَمَا سَيَجِيءُ.
(وَقَضَى) الْقَاضِي (عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ مَرَّةً) لَوْ نُكُولَهُ (فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي) حَقِيقَةً (بِقَوْلِهِ لَا أَحْلِفُ) أَوْ حُكْمًا كَأَنْ (سَكَتَ) وَعُلِمَ أَنَّهُ (مِنْ غَيْرِ آفَةٍ) كَخَرَسٍ وَطَرَشٍ فِي الصَّحِيحِ سِرَاجٌ وَعَرْضُ الْيَمِينِ ثَلَاثًا ثُمَّ الْقَضَاءُ أَحْوَطُ.
ــ
رد المحتار
قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّ الْحَلِفَ الْأَوَّلَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ.
(قَوْلُهُ حَلِفُهُ الْأَوَّلُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ قَاضٍ فَيَكْفِي: أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّحْلِيفِ ثَانِيًا. هَذَا، وَلَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِثْنَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى ح اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ قَبْلَ تَقَلُّدِهِ الْقَضَاءَ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ، وَقَوْلُهُ حَلِفُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَالْهَاءِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُغَايِرُ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي الْمَتْنِ، فَإِنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا حَلَفَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَهَذِهِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عِنْدَ الْقَاضِي بِاسْتِحْلَافِ الْمُدَّعِي لَا الْقَاضِي ح.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا) وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ قُبَيْلَ الرَّهْنِ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ لِآخَرَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ إنْ حَلَفْت إنَّهَا لَك أَدَّيْتهَا إلَيْك فَحَلَفَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إنْ كَانَ أَدَّاهَا إلَيْهِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِلْمُؤَدِّي أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَدَّى لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ حُكْمِ الشَّرْعِ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ دُونَ الْمُدَّعِي اهـ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إلَخْ) أَيْ أَوْ طَلَبَ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ عَلَى أَنَّهُمْ صَادِقُونَ.
(قَوْلُهُ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) قَيَّدَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِمَا سَيَأْتِي وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ الْخَارِجِ مُسَاوٍ أَوْ أَسْبَقُ. أَمَّا إذَا كَانَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ وَبَرْهَنَا وَأَرَّخَا وَتَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقُ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَاسْتَوَيَا وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْيَدِ فَيُقْضَى لَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى نَاقَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نَتَجَتْهَا وَأَقَامَ الَّذِي بِيَدِهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نَتَجَتْهَا، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ» وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ بَحْرٌ؛ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ) أَيْ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَتَهَاتَرَا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِمَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاطَ، وَإِذَا تَهَاتَرَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا حَيْثُ لَا مُرَجِّحَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ. أَمَّا لَوْ كَانَ التَّهَاتُرُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرِثَانِ مِيرَاثَ زَوْجٍ وَاحِدٍ بَحْرٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ كَذَا فِي الْهَامِشِ
(قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَعَرْضُ الْيَمِينِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ أَحْوَطُ خَبَرٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَحْوَطُ) أَيْ نَدْبًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ التَّكْرَارَ حَتْمٌ حَتَّى لَوْ قَضَى