(وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ عَلَى فَوْرِ النُّكُولِ، خِلَافٌ) دُرَرٌ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَرْجِيحًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: قَدَّمْنَا أَنَّهُ يُفْتَرَضُ الْقَضَاءُ فَوْرًا إلَّا فِي ثَلَاثٍ.
(قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَالْقَضَاءُ عَلَى حَالِهِ) مَاضٍ دُرَرٌ فَبَلَغَتْ طُرُقُ الْقَضَاءِ ثَلَاثًا، وَعَدَّهَا فِي الْأَشْبَاهِ سَبْعًا: بَيِّنَةٌ، وَإِقْرَارٌ، وَيَمِينٌ، وَنُكُولٌ عَنْهُ، وَقَسَامَةٌ، وَعِلْمُ قَاضٍ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَالسَّابِعُ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ كَأَنْ ظَهَرَ مِنْ دَارٍ خَالِيَةٍ إنْسَانٌ خَائِفٌ بِسِكِّينٍ مُتَلَوِّثٍ بِدَمٍ فَدَخَلُوهَا فَوْرًا فَرَأَوْا مَذْبُوحًا لِحِينِهِ أُخِذَ بِهِ إذْ لَا يَمْتَرِي أَحَدٌ أَنَّهُ قَاتِلُهُ. .
(شَكَّ فِيمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ وَلَا يَحْلِفُ) تَحَرُّزًا عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ (وَإِنْ أَبَى خَصْمُهُ إلَّا حَلَّفَهُ، إنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ حَلَفَ وَإِلَّا) بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مُحِقٌّ (لَا) يَحْلِفُ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا) الْمُدَّعِي وَإِنْ قَالَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا بَيِّنَةَ لِي سِرَاجٌ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ (بَعْدَ يَمِينِ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تُقْبَلُ الْبُنَيَّةُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ خَانِيَةٌ (عِنْدَ الْعَامَّةِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِ شُرَيْحٍ: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ كَالْحَلِفِ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا جَاءَ الْأَصْلُ انْتَهَى حُكْمُ الْخَلْفِ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا بَحْرٌ.
(وَيَظْهَرُ كَذِبُهُ بِإِقَامَتِهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (لَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْمَالَ (بِلَا سَبَبٍ فَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَهَا حَتَّى يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى طَلَاقُ الْخَانِيَّةِ
ــ
رد المحتار
الْقَاضِي بِالنُّكُولِ مَرَّةً لَا يَنْفُذُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفُذُ س
(قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ) الْأَوْلَى يُفْتَرَضُ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْزِلُ مُنْكِرًا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَى أَنْ يُجِيبَ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا لَزِمَ السُّكُوتَ ابْتِدَاءً وَلَمْ يُجِبْ عِنْدَ الدَّعْوَى بِجَوَابٍ، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ ثُمَّ لَزِمَ السُّكُوتَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قَدَّمْنَا) أَيْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ ح.
(قَوْلُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ) أَمَّا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَهُ فَتُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) بَيِّنَةٌ وَإِقْرَارٌ وَنُكُولٌ. (قَوْلُهُ وَالسَّابِعُ إلَخْ) بَحَثَ فِي هَذِهِ السَّابِعَةِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ وَقَالَ إنَّهُ غَرِيبٌ لَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يَعْضُدْهُ نَقْلٌ مِنْ كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ. وَذُكِرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ مَدَارَهَا عَلَى ابْنِ الْغَرْسِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْغَرْسِ: فَقَدْ قَالُوا لَوْ ظَهَرَ إنْسَانٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ) لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ بَلْ حَكَى قَوْلَيْنِ ح. (قَوْلُهُ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّ حُكْمَ الْيَمِينِ انْقِطَاعُ الْخُصُومَةِ لِلْحَالِ إلَى غَايَةِ إحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ انْقِطَاعُهَا مُطْلَقًا ط (قَوْلُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ) كَأَنَّ فَائِدَتَهَا لِتَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ وَهُوَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ شَيْخُنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ خَانِيَةٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ لَا يَمْنَعُ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا يُبْطِلُهُ، لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَ الْبَائِعُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ عِنْدَهُ فَاسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ وَأَلْزَمَهُ الْعَبْدَ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ كُنْت تَبَرَّأْت إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثَبَتَتْ بَيِّنَتُهُ اهـ. أَقُولُ: إنْ كَانَ مَبْنَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ نُكُولَهُ عَنْ الْحَلِفِ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْعَيْبَ عِنْدَهُ فَإِقَامَتُهُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ مُؤَكِّدٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ فِي ضِمْنِ نُكُولِهِ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ وَحُكْمًا بِهِ، فَإِذَا بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَضَاهُ إيَّاهُ يَكُونُ تَنَاقُضًا وَنَقْضًا لِلْحُكْمِ فَبَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقٌ فَكَيْفَ تَصِحُّ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْبَحْرِ فِي إقَامَةِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَظَاهِرُ مَا كَتَبْنَاهُ فِي هَامِشِ الْبَحْرِ عَنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ.
(قَوْلُهُ طَلَاقُ الْخَانِيَّةِ) الَّذِي نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ طَلَاقِ الْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة مِنْ الْحِنْثِ مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالسَّبَبِ وَعَدَمِهِ، وَمَا فِي الدُّرَرِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ مُطْلَقًا جَعَلُوهُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَاَلَّذِي جَعَلُوا الْفَتْوَى عَلَيْهِ هُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ