إلَّا فِي وَصِيٍّ أَخَذَ مَالِ يَتِيمٍ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً) كَشَرْطِهِ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) فِي مَالِ الْيَتِيمِ (إذَا عَمِلَ) أَشْبَاهٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَجْرِ عَمَلِهِ (وَ) الْفَاسِدَةُ (لَا ضَمَانَ فِيهَا) أَيْضًا (كَصَحِيحَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ
(وَدَفَعَ الْمَالَ إلَى آخَرَ مَعَ شَرْطِ الرِّبْحِ) كُلِّهِ (لِلْمَالِكِ بِضَاعَةً) فَيَكُونُ وَكِيلًا مُتَبَرِّعًا (وَمَعَ شَرْطِهِ لِلْعَامِلِ قَرْضٌ) لِقِلَّةِ ضَرَرِهِ.
(وَشَرْطُهَا) أُمُورٌ سَبْعَةٌ (كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ) كَمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ وَهُوَ مَعْلُومٌ لِلْعَاقِدَيْنِ (وَكَفَتْ فِيهِ الْإِشَارَةُ) وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ لِلْمُضَارِبِ بِيَمِينِهِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ.
وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ بِدَيْنٍ فَإِنْ عَلَى الْمُضَارِبِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ عَلَى ثَالِثٍ جَازَ
ــ
رد المحتار
رَجُلٌ دَفَعَ لِآخَرَ أَمْتِعَةً، وَقَالَ: بِعْهَا وَاشْتَرِهَا وَمَا رَبِحْتَ فَبَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَخَسِرَ فَلَا خُسْرَانَ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِذَا طَالَبَهُ صَاحِبُ الْأَمْتِعَةِ بِذَلِكَ فَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْعَامِلُ إيَّاهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَفَلَهُ إنْسَانٌ بِبَدَلِ الصُّلْحِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ عَمِلَ هَذَا الْعَامِلُ فِي هَذَا الْمَالِ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ هَذَا لَيْسَ بِمُضَارَبَةٍ بَلْ هُوَ تَوْكِيلٌ بِبَيْعِ الْأَمْتِعَةِ ثُمَّ إذَا صَارَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ، فَهُوَ دَفْعُ مُضَارَبَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَضْمَنْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ بِحَقِّ الْوَكَالَةِ ثُمَّ صَارَ مُضَارِبًا فَاسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى.
(قَوْلُهُ وَصِيٌّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُضَارِبَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ، وَكَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ فِيهِ أَظْهَرُ، وَأَفَادَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا أَنَّ لِلْوَصِيِّ دَفْعَ الْمَالِ إلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ مُضَارَبَةً بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْيَتِيمِ كَأَبِيهِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ إذَا عَمِلَ) ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا أَنَّ الْوَصِيَّ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ لِلْيَتِيمِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ لِقِلَّةِ ضَرَرِهِ) أَيْ ضَرَرِ الْقَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْهِبَةِ فَجُعِلَ قَرْضًا، وَلَمْ يُجْعَلْ هِبَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَثْمَانِ) أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَوْ مِنْ الْعُرُوضِ فَبَاعَهَا فَصَارَتْ نُقُودًا انْقَلَبَتْ مُضَارَبَةً، وَاسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْلُومٌ لِلْعَاقِدَيْنِ) وَلَوْ مَتَاعًا لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِذَا دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ: نِصْفُهَا مَعَكَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ صَحَّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ قَرْضَ الْمُشَاعِ جَائِزٌ، وَلَا يُوجَدُ لِهَذَا رِوَايَةٌ إلَّا هَا هُنَا وَإِذَا جَازَ هَذَا الْعَقْدُ كَانَ نِصْفَ حُكْمِ نَفْسِهِ، وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا قَرْضٌ، وَعَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي جَازَ، وَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا قَرْضٌ عَلَيْكَ، وَنِصْفَهَا مُضَارَبَةٌ بِالنِّصْفِ، فَهُوَ جَائِزٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهِيَةَ هُنَا فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ سُكُوتُ مُحَمَّدٍ عَنْهَا هُنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ، وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ: عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِي جَازَ وَلَا يُكْرَهُ فَإِنْ رَبِحَ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مَلَكَهُ بِالْقَرْضِ، وَالْآخَرُ بِضَاعَةٌ فِي يَدِهِ، وَفِي التَّجْرِيدِ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا مُضَارَبَةٌ بِالنِّصْفِ، وَنِصْفُهَا هِبَةٌ لَكَ وَقَبَضَهَا غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ وَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ النِّصْفَ حِصَّةً فَقَطْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِحُكْمِ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ا. هـ.
مُلَخَّصًا، وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ سَتَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِيدَاعِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَكَفَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِعْلَامِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) وَمَا اشْتَرَاهُ لَهُ، وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَى ثَالِثٍ) بِأَنْ قَالَ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ عَمِلَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْكُلَّ ضَمِنَ، وَلَوْ قَالَ: فَاعْمَلْ بِهِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ، فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْكُلِّ بِخِلَافِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ،