فُرُوعٌ هُدِّدَ الْمُودَعُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى دَفْعِ بَعْضِ الْمَالِ إنْ خَافَ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ فَدَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ خَافَ الْحَبْسَ أَوْ الْقَيْدَ ضَمِنَ، وَإِنْ خَشِيَ أَخْذَ مَالِهِ كُلِّهِ فَهُوَ عُذْرٌ كَمَا لَوْ كَانَ الْجَابِرُ هُوَ الْآخِذَ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عِمَادِيَّةٌ.
خِيفَ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْفَسَادُ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِلَا أَمْرِ قَاضٍ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ.
قَرَأَ مِنْ مُصْحَفِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الرَّهْنِ فَهَلَكَ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ لَا ضَمَانَ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ هَذَا التَّصَرُّفِ صَيْرَفِيَّةٌ قَالَ وَكَذَا لَوْ وَضَعَ السِّرَاجَ عَلَى الْمَنَارَةِ وَفِيهَا أَوْدَعَ صَكًّا وَعَرَفَ أَدَاءُ بَعْضِ الْحَقِّ وَمَاتَ الطَّالِبُ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ الْأَدَاءَ حَبَسَ الْمُودَعُ الصَّكَّ أَبَدًا. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ وَدِيعَةِ الْعَبْدِ. الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ إذَا عَمِلَا.
قُلْت: فَعُلِمَ مِنْهُ أَنْ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ فَلْيُحْفَظُوا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ:
وَدَافِعُ أَلْفٍ مُقْرِضًا وَمُقَارِضًا ... وَرِبْحُ الْقِرَاضِ الشَّرْطُ جَازَ وَيُحْذَرُ
وَأَنْ يَدَّعِي ذُو الْمَالِ قَرْضًا وَخَصْمُهُ ... قِرَاضًا فَرَبُّ الْمَالِ قَدْ قِيلَ أَجْدَرُ
وَفِي الْعَكْسِ بَعْدَ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ... كَذَلِكَ فِي الْإِبْضَاعِ مَا يَتَغَيَّرُ
وَإِنْ قَالَ قَدْ ضَاعَتْ مِنْ الْبَيْتِ وَحْدَهَا ... يَصِحُّ وَيُسْتَحْلَفُ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ
أَوْ تَارِكٌ فِي قَوْمٍ لِأَمْرِ صَحِيفَةٍ ... فَرَاحُوا وَرَاحَتْ يَضْمَنُ الْمُتَأَخِّرُ
وَتَارِكُ نَشْرِ الصُّوفِ صَيْفًا فَعُثَّ لَهْ ... يُضَمَّنْ وَقَرْضُ الْفَأْرِ بِالْعَكْسِ يُؤْثَرُ
إذَا لَمْ يَسُدَّ الثُّقْبَ مِنْ بَعْدِ عِلْمِهِ ... وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُلَّاكُ مَا هِيَ تُقَرَّرُ
ــ
رد المحتار
لَوْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ قَرِيبًا بَعْدَ زَوَالِ الْخَوْفِ فَلَمْ يَعُدْ ثُمَّ جَاءَ، وَلَمْ يَجِدْهَا لَا لَوْ دَفَنَهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا فَظَاهِرٌ وَضَعَهَا فِي زَمَانِ الْقِنْيَةِ فِي بَيْتٍ خَرَابٍ ضَمِنَ لَوْ وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ لَا لَوْ دَفَنَهَا نُورُ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ مَالُهُ كُلِّهِ) أَمَّا لَوْ خَافَ أَخْذَ مَالَهُ وَيَبْقَى قَدْرُ الْكِفَايَةِ يَضْمَنُ فُصُولَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْفَقَ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حَتَّى هَلَكَتْ يَضْمَنُ، لَكِنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ مُنْلَا عَلَى حَاوِي الزَّاهِدِيِّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَنَارَةِ) فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْمَنَارَةُ وَدِيعَةً (قَوْلُهُ أَبَدًا) أَيْ مَا لَمْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: إلَى الْوَارِثِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءً كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءً كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَيِّدَ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ بِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا دَفَعَهُ، وَالْوَارِثُ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِمَا فِي الْمُودَعِ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْوَارِثِ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَدِيعَةِ الْعَبْدِ) تَاجِرًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا، عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَهَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ كَسْبُ الْعَبْدِ، فَلَوْ عَلِمَ فَلَهُ أَخْذُهَا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْمَوْلَى تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: قُلْت) الْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْأَشْبَاهِ قَالَهُ فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ مُقْرِضًا) أَيْ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: وَمُقَارِضًا) أَيْ مُضَارِبًا نِصْفَهُ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَرَبِحَ) مَضْبُوطٌ بِالْقَلَمِ بِفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ قِرَاضًا) أَيْ مُضَارَبَةً كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَإِذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بَعْدَمَا اخْتَلَفَا فَالْعَامِلُ ضَامِنٌ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ لِابْنِ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ الْمُتَأَخِّرُ) مَفْهُومُهُ