قُلْت: بَقِيَ لَوْ سَدَّهُ مَرَّةً فَفَتَحَهُ الْفَأْرُ وَأَفْسَدَهُ لَمْ يَذْكُرْ وَيَنْبَغِي تَفْصِيلُهُ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.
كِتَابُ الْعَارِيَّةِ.
أَخَّرَهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَمْلِيكًا، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْأَمَانَةِ، وَمَحَاسِنُهَا النِّيَابَةُ عَنْ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي إجَابَةِ الْمُضْطَرِّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِمُحْتَاجٍ كَالْقَرْضِ فَلِذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ (هِيَ) لُغَةً - مُشَدَّدَةً وَتُخَفَّفُ -: إعَارَةُ
ــ
رد المحتار
أَنَّهُمْ إذَا قَامُوا جُمْلَةً ضَمِنُوا، وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُقْسَمُ كَذَلِكَ سَائِحَانِيٌّ قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدٌ لِقَوْمٍ وَدِيعَةً وَقَامَ الْكُلُّ دُفْعَةً وَتَرَكُوهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ ضَمِنَهَا الْكُلُّ ابْنُ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ فَعُثَّ) بِالْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِضَمِّ يَاءِ " يُعْلَمْ " كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي) الْبَحْثُ لِلطَّرَسُوسِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا التَّفْصِيلُ، لِأَنَّ الْأَمْرَ دَائِرٌ بَيْنَ الْإِعْلَامِ لِلْمُودَعِ أَوْ السَّدِّ بِدُونِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ وَارْتَضَاهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَأَقَرَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.
فُرُوعٌ .
رَبَطَهَا فِي طَرَفِ كُمِّهِ أَوْ عِمَامَتِهِ أَوْ شَدَّهَا فِي مِنْدِيلٍ، وَوَضَعَهُ فِي كُمِّهِ أَوْ أَلْقَاهَا فِي جَيْبِهِ، وَلَمْ تَقَعْ فِيهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ لَا يَضْمَنُ. خَرَجَ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا ضَمِنَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَان يَسْمَعُ حِسَّ الدَّاخِلِ. جَعَلَهَا فِي الْكَرْمِ فَلَوْ لَهُ حَائِطٌ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْمَارَّةُ مَا فِي الْكَرْمِ لَا يَضْمَنُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ، وَإِلَّا ضَمِنَ. سُوقِيٌّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ، وَفِيهِ وَدَائِعُ لَمْ يَضْمَنْ؛ إذْ جِيرَانُهُ يَحْفَظُونَهُ، وَلَيْسَ بِإِيدَاعِ الْمُودِعِ لَكِنَّهُ مُودَعٌ لَمْ يُضَيِّعْ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْعُرْفِ اهـ. غَابَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ، وَلَا يَدْرِي أَهُوَ حَيٌّ أَمْ مَيِّتٌ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَعْلَمَ مَوْتَهُ، وَلَا يَتَصَدَّقَ بِهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، وَيَسْأَلُهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهَا وَدِيعَةً عِنْدَهُ، وَعَلَى كَوْنِ الْمَالِكِ غَائِبًا فَإِنْ بَرْهَنَ، فَلَوْ مِمَّا يُؤَجِّرُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ لَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَ الْمَالِكُ لَا أَكْثَرَ، بَلْ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ وَإِمْسَاكِ الثَّمَنِ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ ابْتِدَاءً فَلِصَاحِبِهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِهِ إذَا حَضَرَ لَكِنْ فِي الدَّابَّةِ يَرْجِعُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ لَا بِالزِّيَادَةِ. وَفِي الْعَبْدِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مِنْ أَلْبَانِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ، أَوْ كَانَتْ أَرْضًا فَأَثْمَرَتْ وَخَافَ فَسَادَهُ فَبَاعَهُ لِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَوْ فِي الْمِصْرِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يَتَوَصَّلُ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ ذَلِكَ ضَمِنَ، تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْعَاشِرِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ. تَتِمَّةٌ :.
فِي ضَمَانِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ فِي قَاضِي خَانْ مُودَعٌ جَعَلَ فِي ثِيَابِ الْوَدِيعَةِ ثَوْبًا لِنَفْسِهِ فَدَفَعَهَا إلَى رَبِّهَا وَنَسِيَ ثَوْبَهُ فِيهَا فَضَاعَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ، لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ، وَالْجَهْلُ فِيهِ لَا يَكُونُ عُذْرًا قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ وَضَاعَ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا سَبَبَ لِلضَّمَانِ أَصْلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْجَهْلُ فِيهِ لَا يَكُونُ عُذْرًا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مُلَخَّصًا.
كِتَابُ الْعَارِيَّةِ
ِ. (قَوْلُهُ مُشَدَّدَةً) كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِّ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌّ وَعَيْبٌ صِحَاحٌ، وَرَدَّهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،