وَيُكْرَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ
(وَكَفَنُ الضَّرُورَةِ لَهُمَا مَا يُوجَدُ) وَأَقَلُّهُ مَا يَعُمُّ الْبَدَنَ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ كَالْحَيِّ (تُبْسَطُ اللِّفَافَةُ) أَوَّلًا (ثُمَّ يُبْسَطُ الْإِزَارُ عَلَيْهَا وَيُقَمَّصُ وَيُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ وَيُلَفُّ يَسَارُهُ ثُمَّ يَمِينُهُ ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ) لِيَكُونَ الْأَيْمَنُ عَلَى الْأَيْسَرِ (وَهِيَ تَلْبَسُ الدِّرْعَ وَيُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا فَوْقَهُ) أَيْ الدِّرْعِ (وَالْخِمَارُ فَوْقَهُ) أَيْ الشَّعْرِ (تَحْتَ اللِّفَافَةِ) ثُمَّ يُفْعَلُ كَمَا مَرَّ (وَيُعْقَدُ الْكَفَنُ إنْ خِيفَ انْتِشَارُهُ)
(وَخُنْثَى مُشْكِلٌ كَامْرَأَةٍ فِيهِ) أَيْ الْكَفَنِ، وَالْمُحْرِمُ كَالْحَلَالِ وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ وَمَنْ لَمْ يُرَاهِقْ إنْ كُفِّنَ فِي وَاحِدٍ جَازَ وَالسِّقْطُ يُلَفُّ
ــ
رد المحتار
وَالثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً فِي سَتْرِ الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ) أَيْ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ
(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ مَا يَعُمُّ الْبَدَنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ ذَلِكَ سَأَلُوا النَّاسَ لَهُ ثَوْبًا يَعُمُّهُ، وَأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ وَإِنْ كَانَ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ مَا لَمْ يَعُمَّ الْبَدَنَ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَفَنَ الضَّرُورَةِ مَا لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ، فَلَا يُنَاسِبُ تَقْيِيدَهُ بِشَيْءٍ وَلِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمَا يُوجَدُ.
نَعَمْ مَا يَعُمُّ الْبَدَنَ هُوَ كَفَنُ الْفَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَلِذَا «لَمَّا اُسْتُشْهِدَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا نَمِرَةٌ أَيْ كِسَاءٌ مُخَطَّطٌ فَكَانَ إذَا غُطِّيَ بِهَا رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَبِالْعَكْسِ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِهَا وَرِجْلَيْهِ بِالْإِذْخِرِ» إلَّا أَنَّ مَا لَا يَسْتُرُ الْبَدَنَ لَا يَكْفِي عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَيْضًا بَلْ يَجِبُ سَتْرُ بَاقِيهِ بِنَحْوِ حَشِيشٍ كَالْإِذْخِرِ؛ وَلِذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ سَوْقِهِ حَدِيثَ مُصْعَبٍ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَحْدَهَا لَا يَكْفِي خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُقَمَّصُ) أَيْ الْمَيِّتُ أَيْ يُلْبَسُ الْقَمِيصَ بَعْدَ تَنْشِيفِهِ بِخِرْقَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُلَفُّ يَسَارُهُ ثُمَّ يَمِينُهُ) الضَّمِيرَانِ لِلْإِزَارِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِزَارِ وَاللِّفَافَةِ يُلَفُّ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ فِي السَّتْرِ ط (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ الْأَيْمَنُ عَلَى الْأَيْسَرِ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ إمْدَادٌ (قَوْلُهُ: تَحْتَ اللِّفَافَةِ) الْأَوْضَحُ تَحْتَ الْإِزَارِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُفْعَلُ كَمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ تُوضَعَ بَعْدَ إلْبَاسِ الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ عَلَى الْإِزَارِ، وَيُلَفُّ يَسَارُهُ إلَخْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِرْقَةَ وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ فَوْقَ الْأَكْفَانِ كَيْ لَا تَنْتَشِرَ، وَعَرْضُهَا مَا بَيْنَ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ إلَى السُّرَّةِ، وَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى الرُّكْبَةِ، كَيْ لَا يَنْتَشِرَ الْكَفَنُ عَنْ الْفَخِذَيْنِ وَقْتَ الْمَشْيِ، وَفِي التُّحْفَةِ تُرْبَطُ الْخِرْقَةُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ عِنْدَ الصَّدْرِ فَوْقَ الثَّدْيَيْنِ اهـ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَوْلِ الْخُجَنْدِيِّ: تُرْبَطُ الْخِرْقَةُ عَلَى الثَّدْيَيْنِ فَوْقَ الْأَكْفَانِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ تَحْتَ اللِّفَافَةِ وَفَوْقَ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ وَفِي الِاخْتِيَارِ: تُلْبَسُ الْقَمِيصَ ثُمَّ الْخِمَارَ فَوْقَهُ ثُمَّ تُرْبَطُ الْخِرْقَةُ فَوْقَ الْقَمِيصِ اهـ وَمُفَادُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ الِاخْتِلَافُ فِي عَرْضِهَا، وَفِي مَحَلِّ وَضْعِهَا وَفِي زَمَانِهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَخُنْثَى مُشْكِلٌ كَامْرَأَةٍ فِيهِ) أَيْ فَيُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ ذَكَرًا فَالزِّيَادَةُ لَا تَضُرُّ قَالَ فِي النَّهْرِ إلَّا أَنَّهُ يُجَنَّبُ الْحَرِيرَ وَالْمُعَصْفَرَ وَالْمُزَعْفَرَ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: وَالْمُحْرِمُ كَالْحَلَالِ) أَيْ فَيُغَطَّى رَأْسُهُ وَتُطَيَّبُ أَكْفَانُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ) الذَّكَرُ كَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَالْأُنْثَى ح قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ فِي حَيَاتِهِ يَخْرُجُ فِيمَا يَخْرُجُ فِيهِ الْبَالِغُ عَادَةً فَكَذَا يُكَفَّنُ فِيمَا يُكَفَّنُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يُرَاهِقْ إلَخْ) هَذَا لَوْ ذَكَرًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَأَدْنَى مَا يُكَفَّنُ بِهِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَالصَّبِيَّةُ ثَوْبَانِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا لَمْ يُرَاهِقْ فَإِنْ كُفِّنَ فِي خِرْقَتَيْنِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ فَحَسَنٌ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ جَازَ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ. اهـ.
أَقُولُ: فِي قَوْلِهِ فَحَسَنٌ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كُفِّنَ بِكَفَنِ الْبَالِغِ يَكُونُ أَحْسَنَ لِمَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ الطِّفْلُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ الْأَحْسَنُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْبَالِغُ وَإِنْ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ جَازَ اهـ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ لَمْ يُرَاهِقْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ وَالسِّقْطُ يُلَفُّ) أَيْ فِي خِرْقَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَا