الثاني: أن يرجعَ إليه ما سُلِب منه بالكلية، وهو كل وبعض وأي، ((أَيًّا مَّا تَدْعُو)) الإسراء:١١٠ رجعَ إليه التنوين، وليسَ هذا مراد الناظم، وإنما مراده أن يحذف المضاف إليه ويبقى المضاف على حاله من الإعراب لا البناء، ويبقى على حاله من سلبِ التنوين والنون، وهذه الحالة الثالثة، وشرطها بما ذكر.
إذن وَيُحْذَفُ الثَّانِى وهو المضاف إليه ويُنوَى ثبوت لفظه.
فَيَبْقَى الأَوَّلُ كَحَالِهِ: يبقى: فعلٌ مضارع، والأول فاعل وهو مضاف.
كَحَالِهِ: أي: حالة كونه كحاله مثل حاله السابق قبل الحذف، وما هو حاله؟ حذفُ التنوين والنون إن كان مثنى أو جمعاً.
إِذَا بِهِ يَتَّصِلُ: فلا يُنوّن ولا تُرد إليه النون مطلقاً.
بَشرْطِ عَطْفٍ: يعني على ذلك الأول.
وَإِضَافَةٍ: أي إضافة المعطوف، ومثل الإضافة عمل المعطوف في مثل ما أُضيف إليه الأول كقوله: بِمِثْلِ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى.
وَإِضَافَةٍ إلَى مِثْلِ الَّذِي لَهُ أَضَفْتَ الأَوَّلاَ: الَّذِي أَضَفْتَ الأَوَّلاَ لَهُ، الأَوَّلاَ: الألف هذه للإطلاق، يعني معطوف إليه؛ لأنه بذلك يصيرُ المحذوف في قوة المنطوق به.
إذن: الحالة الثالثة: أنه يُحذف المضاف إليه ويبقى إعرابه ويُترك تنوينه كما كان في الإضافة، والشرطُ ما ذكره الناظم هنا، ومذهبُ سيبويه على ما ذكرناه أنه مخالف لمذهب المبرد.
هنا فائدة: قد يفعل ما ذكر من الحذف مع مضاف معطوف على مضاف إلى مثل المحذوف وهو عكس الأول، كقول أبي برزة الأسلمي {غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وثمانيَ} يعني: ثماني غزوات، إذن حذُفَ من الثاني بفتح الياء دون تنوين والأصل ثماني غزوات هكذا ضبطَه الحافظ في الفتح.
ثم قال رحمه الله:
فَصْلَ مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ مَا نَصَبْ ... مَفْعُولاً اَوْ ظَرْفاً أَجِزْ وَلَمْ يُعَبْ
فَصْلُ يَمِينٍ وَاضْطِرَاراً وُجِدَا ... بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِنَعْتٍ أَوْ نِدَا
فَصْلَ مُضَافٍ: فصلَ بالنصب مفعول به مُقدّم لقوله: أجز، أجز فصل مضاف.
مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ: يعني مُشبه للفعل، صفة لمضاف.
مَا نَصَبْ: شبه مضاف وفعل مضاف إليه، ما نصب: (ما) هذه فاعل المصدر، نصب: الجملة صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب، يعني الذي نصبه، الضمير هذا العائد محذوف، ((أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا)) الفرقان:٤١ (أهذا الذي بعثه) هذا مثله.
مَا نَصَبْ: يعني نصبه.
مَفْعُولاً أَوْ ظَرْفاً: حالان من (ما)، أو من الضمير المحذوف.
أَجِزْ: أجز حذفَ مضاف شبّه فعل ما نصب مفعولاً أو ظرفاً.
المضاف والمضاف إليه كما ذكرنا سابقاً كالشيء الواحد، جزء واحد فهو كالكلمة الواحدة.
فلا يُفصَل بينهما كما لا يُفصَل بين أبعاض الكلمة، كما لا تفصل بين أجزاء زيد، لا تفصل بين غلام زيد، هذا الأصل فيه؛ لأن الثاني نُزِّل من الأول منزلة التنوين كما في (زيدٌ)، زيدٌ هذا كلمتان، زيد اسم، والتنوين هذا حرف معنى، فهو كلمتان، كذلك غلام زيد كلمتان، نزلت الثانية منزلة الأول .. بمنزلة التنوين من الأول.