يُتوصل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بأشدد ونحوه، وبأشد ونحوه، هذان فعلان أشدد، أشدَّ .. أشدد هذا قائم مقام أفعِل بزيد، أفعِل أحسِن، وأشد هذا قائم مقام أفعَل الصيغة الأولى، وقدم وأخر من أجل الوزن.
أو شبه أشدد وشبه أشد، وما هو شبه أشدد وأشد؟ أكثَر أكثِر، أقلَل أقلِل، أكبَر أكبِر، أصغَر أصغِر، أعظَم أعظِم، أقوَى أقوِي، أضعَف أضعِف، أحسَن أحسِن، أقبَح أقبِح .. كل هذه مثلها .. شبه أشدَّ وأشدد.
(يَخْلُفُ) أي: صيغتي التعجب المصوغتين من ما عدم بعض الشروط، أو يخلف صيغتي ما عدم بعض الشروط، (يَخْلُفُ) الجملة قصد لفظه فهو مبتدأ.
إذن: (وَأَشْدِدْ) هذا مبتدأ قصد لفظه، (أَوْ أَشَدَّ) معطوف عليه، (أَوْ شِبْهُهُمَا) معطوف عليه، (يَخْلُفُ) أشدد وما عطف عليه فاعل، يَخْلُفُ الجملة خبر.
(مَا) اسم موصول بمعنى الذي، مفعول إذن.
يخلف ما عدم بعض الشروط، بَعْضَ بالنصب على أنه مفعول مقدم لـ عَدِمَا، والألف للإطلاق.
(بَعْضَ) مضاف، و (الشُّرُوطِ) مضاف إليه، بَعْضَ الشُّرُوطِ عَدِمَا الجملة في محل رفع لا محل لها من الإعراب، صلة الموصول؛ لأن (ما) اسم موصول.
إذن هذان اللفظان: أشْدِدْ أَوْ أشَدَّ، وما يقوم مقامهما يخلف صيغتي ما عدم بعض الشروط.
هنا قال: (وَأَشْدِدْ أَوْ أَشَدَّ) فيه لبس فيه إشكال، المتبادر منه أن أشدد وأشد مصوغان من فعل مستكمل للشروط، هذا الأصل؛ لأننا نحن تركنا الفعل الذي لم يستكمل الشروط فلم نتعجب منه مباشرة، فجئنا بنائب عنه، الأصل المتبادر للذهن أن النائب يكون مستكمل للشروط أو لا؟ هكذا بالعقل؟ هذا الأصل فيه، إذا كان الفعل ليس مستكملاً للشروط نأتي بالأصل من باب أولى.
فنقول: أشْدِدْ أَوْ أشَدَّ المتبادر أنه مستكمل للشروط هذا هو الظاهر؛ لأن القصد من الإتيان بهما التخلص من صوغ فعل التعجب من فعل لم يستكمل الشروط، مع أن أشدد وأشد مصوغان من غير الثلاثي وهو اشتد الخماسي -هذه مشكلة- وهو اشتد الخماسي على الظاهر؛ إذ لا يعلم ورود أشد الرباعي فعلاً، لكن قال في القاموس: أشد الرجل إذا كانت معه دابة شديدة، لكن هذا لا يصلح أن يكون هو الذي يصاغ منه هذا الفعل، أشد الرجل إذا كانت معه دابة شديدة، والصوغ من هذا في أشد استخراجاً بعيد، ليس معه دابة قوية، حينئذٍ ما أشد استخراجاً، زيدٌ أشد استخراجاً من كذا، نقول: هذا ليس فيه تناسب. وقيل: هما من شدد الثلاثي، حكاه ابن مالك في العمدة وبهذا ينتفي الاعتراض بأنهما من غير الثلاثي، فلم يستكملا الشروط في أنفسهما فكيف يتوصل بهما إلى غيرهما؟
إذن أشدد أو أشد متبادر أنه من اشتد الخماسي، لكن حكى ابن مالك شدَد أو شدِد -يرجع إليه- فحينئذٍ ثبت الفعل الثلاثي.
وَأَشْدِدَ اوْ أَشَدَّ أَوْ شِبْهُهُمَا ... يَخْلُفُ مَا بَعْضَ الشُّرُوطِ عَدِمَا
أي: يخلف فعلي التعجب المأخوذين مما ذكر، فلا يؤتى بهما مباشرة وإنما نأتي بأشد وأشدد، ثم بعد ذلك: (وَمَصْدَرُ العَادِمِ) ننظر إلى الفعل، إذن جئنا بالواسطة الأولى توصيلة، وهي: أشد ما أشد، وأشدد: ما أعظم أعظِم، ما أكبر أكبِر، ما أصغر أصغِر تأتي بهذا اللفظ.