ثم تنظر في الفعل الذي منع من أن يتعجب منه مباشرة، فتأخذ منه المصدر.
قال: (وَمَصْدَرُ العَادِمِ) ومصدر الفعل العادم لبعض الشروط (بَعْدُ) يعني بعد أشد (يَنْتَصِبْ)، ما هو الذي منعناه؟ مثلاً استخرج، نقول: استخرج هذا لا يؤتى منه مباشرة، وإنما نأتي بأشد، نقول: ما أشد، استخرج ما مصدره؟ استخراجاً، فحينئذٍ تأتي بالمصدر مضاف إلى فاعل الفعل، فتقول: ما أشد استخراج زيدٍ، أو ما أشد استخراجه، أشدد باستخراج زيدٍ تأتي بالمصدر إما منصوباً بعد أشد وإما مجروراً بالباء على الأصل؛ لأن المتعجل منه في أفعَل يكون منصوباً على المفعولية، والمتعجب منه في أفعِل يكون مجروراً بالباء، إذن: هو على أصله.
(وَمَصْدَرُ العَادِمِ) مصدر الفعل العادم، إذن ما لا مصدر له لا بد من مصدر هنا، إذن الذي ليس له مصدر لا مدخل له لا في الأول ولا في الثاني.
ومصدر الفعل العادم لبعض الشروط، (بَعْدُ) يعني: بعد أشد (يَنْتَصِبْ)، وإن قدرته بعدما أفعل لا بأس، وإن كان الظاهر بعد أشد، لكن قوله: (وَبَعْدَ أَفْعِلْ) هذا يدل على أن الأصل مراعاة الوزن، لكن لا بأس هذا أو ذاك.
(وَمَصْدَرُ العَادِمِ بَعْدُ يَنْتَصِبْ وَبَعْدَ أَفْعِلْ) أشدد (جَرُّهُ) يجب (بِالْبَا) على الأصل.
إذن كل ما امتنع أن يصاغ منه مباشرة لعدم توفر شرط من الشروط السابقة حينئذٍ نأتي بلفظ أشد وأشدد، ثم نأتي بمصدر العادم .. الفعل غير مستوفي الشروط نأتي بمصدره مضافاً إلى الفاعل لا بد من هذا، ما نقول: ما أشد استخراجاً، وما أشد انطلاقاً لا، لا بد أن يكون مضافاً إلى الفاعل: ما أشد استخراجه، إذا كان الكلام عن زيد، أو ما أشد استخراج زيد.
وَمَصْدَرُ العَادِمِ بَعْدُ يَنْتَصِبْ ... وَبَعْدَ أَفْعِلْ جَرُّهُ بِالْبَا يَجِبْ
فتقول في التعجب من الزائد على ثلاثة، ومما الوصف منه على أفعل الذي هو أعور هنا، ما أشد أو أعظم دحرجته، دحرج لا يتعجب منه مباشرة؛ لأنه رباعي، فإذا أردنا التعجب نقول: ما أشد دحرجة زيد، أشدد بدحرجة زيد .. تأتي به على الأصل. ما أشد دحرجته أو انطلاقه أو حمرته، ما أشد حمرته وما أشد صفرته، وما أشد عوره، وما أشد حوره .. ، أو أشدد أو أعظم بها، وكذا المنفي والمبني للمفعول، إلا أن المصدر هنا لا يكون صريحاً وإنما مؤولاً بالصريح نحو: ما أكثر ألا يقوم زيدٌ؛ لأننا لا بد أن نأتي بالنفي كما هو، لو حذفنا النفي وجئنا بالمصدر كيف نسلط النفي عليه؟ إذن نبقيه كما هو ويكون المصدر مؤولاً بالصريح، فنقول: ما أكثر ألا يقوم زيدٌ، حينئذٍ التعجب يكون من عدم قيام زيدٍ، وما أعظم ما ضُرِبَ زيدٌ، ضُرِبَ هذا مغير الصيغة، و (ما) هذه مصدرية، إذن في قوة المصدر.
إذن وَمَصْدَرُ العَادِمِ إما صريحاً وإما مؤولاً بالصريح، متى يكون مؤولاً بالصريح؟ في حالين:
الأول: إذا تعجبت من المنفي.
الثاني: الفعل المبني للمجهول، تقول: ما أشد ما ضُرب زيدٌ، تعجبت؛ لأنك لفظت به كما هو، ضُرب ما حصل لبس، والنفي حرف بقي كما هو، وأشدد بهما، وأما الناقص كان وأخواتها فعلى القول بأن له مصدراً حينئذٍ لا إشكال فيه، ما أشد كون زيد قائماً، جئت بالمصدر كما هو.