ولا يقال: ما زيداً أحسن؛ لأن هذا نوع تصرف؛ لأن أحسن جامد لا يتصرف مَنْعُ تَصَرُّفٍ حكم قديم، إذن: لا يتصرف في معموله البتة، لا بد أن يكون لاحقاً له، فلو تقدم وهو عامل ضعيف حينئذٍ خالفنا الأصل وهو: أن العامل الضعيف لا يعمل فيما قبله.
(وَفِعْلُ) هذا مبتدأ وهو مضاف و (هَذَا) مضاف إليه.
و (البَابِ) هذا البابِ، يعني: باب التعجب، هذا تقييد، ابن مالك إذا قيد "حكم خاص"، هَذَا البَابِ: البَابِ هذا بدل، أو عطف بيان أو نعت، والمراد به باب التعجب.
(لَنْ يُقَدَّمَا) (لن) للتأبيد هنا بقرينة.
(مَعْمُولُهُ وَوَصْلَهُ بِمَا الْزَمَا) الْزَمَا وَصْلَهُ: حينئذٍ نقول: (لن) هنا للتأبيد -لا تفيد التأبيد هي إلا إذا دلت قرينة- يعني قد تدل قرينة على أنها للتأبيد، وأما دعوى الزمخشري بأنها تأبيدية ففاسد ((لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا)) الحج:٧٣ قال: لن هنا للتأبيد، نعم للتأبيد لكن لقرينة وهي أن الخلق صفة لله عز وجل، أما زيد لن يقوم هذه مثل لا يقوم، لا تدل على التأبيد، ولذلك يجمع معها بالتأبيد –لفظ التأبيد-: لن يقوم أبداً، فلو كانت للتأبيد لامتنع أن يقال معها (أبداً)، وهذا وارد حتى في القرآن. إذن: (لَنْ يُقَدَّمَا) الألف للإطلاق أو التثنية؟ للإطلاق؛ لأن المبتدأ هنا: فِعْلُ .. فِعْلُ هَذَا البَابِ .. (فِعْلُ هَذَا البَابِ لَنْ يُقَدَّمَا مَعْمُولُهُ) إذن الفاعل (مَعْمُولُهُ)، ولذلك قلت لك قبل قليل: إذا أعربت الفعل انظر في فاعله، أين هو حتى تعرف تتم الإعراب، (لَنْ يُقَدَّمَا) الألف هذه للإطلاق قطعاً لا تحتمل (مَعْمُولُهُ) هذا الفاعل، وليس هو محتمل للألف.
(وَفِعْلُ هَذَا البَابِ لَنْ يُقَدَّمَا) لعدم تصرفه، مَعْمُولُهُ هذا نائب فاعل، لَنْ يُقَدَّمَا عليه.
(وَوَصْلَهُ بِهِ)، (بِهِ .. بِمَا) نسختان، (بِمَا الْزَمَا) بـ (ما) التعجبية، ولو قيل بِهِ أحسن، وهذه النسخة التي شرح عليها المكودي بِهِ .. أحسن.
(وَوَصْلَهُ) هذا مفعول مقدم لقوله: (الْزَمَا) الزمن، فتقدم هنا المعمول على الفعل المؤكد بنون التوكيد للضرورة، وإلا الأصل لا يتقدم، لا يجوز.
وَوَصْلَهُ بِهِ: جار ومجرور متعلق بقوله: الْزَمَا، يعني: بالعامل، بلا خلاف فيهما.
وذلك لعدم تصرف هذين الفعلين امتنع أن يتقدم عليهما معمولهما، وأن يفصل بينهما بغير ظرف أو مجرور وهو الذي عناه بالبيت الثاني.
(وَفَصْلُهُ بظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرْ مُسْتَعْمَلٌ)، فَصْلُهُ: يعني فصل المعمول عن العامل (بظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرْ) هذه مانعة خلو، فيجوز الفصل بمجموع الظرف والجار والمجرور.
(مُسْتَعْمَلٌ) هذا خبر فَصْلُهُ، يعني: وارد في لسان العرب نظماً ونثراً، استعمل نظماً ونثراً، وسيأتي المثال.
فهم من قوله: (مُسْتَعْمَلٌ) أن مذهبه موافق لمن أجاز ذلك خلافاً لمن منع.
(وَالْخُلْفُ في ذَاَكَ اسْتَقَرّْ) الْخُلْفُ مبتدأ، واسْتَقَرّْ الجملة خبر، (فِي ذَاَكَ) متعلق بـ (اسْتَقَرّْ).
وَالْخُلْفُ يعني: اختلاف بين النحاة، (فِي ذَاَكَ) الذي هو الفصل بالظرف والجار والمجرور، هل هو جائز أم لا؟ (اسْتَقَرّْ) ولكنه قال: مُسْتَعْمَلٌ فدل على جوازه.