إذاً: الكلمة لغةً: هي الجمل المفيدة، قال تعالى: ((وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا)) التوبة:٤٠ كلمة الله، وهي: لا إله إلا الله، هذه جملة اسمية، ((تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ)) آل عمران:٦٤ هذه جملة فعلية، ألا نعبد: هي الكلمة، ((تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ)) آل عمران:٦٤ ما هي هذه الكلمة: ((أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ)) آل عمران:٦٤ إذاً: أطلقت الكلمة على الجملة الفعلية، وهناك: كلمة الله هي العليا، أطلقت على الجملة الاسمية.
((كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا)) المؤمنون:١٠٠ هذا إشارة إلى قوله: ((رَبِّ ارْجِعُونِ)) المؤمنون:٩٩ .... هذه جمل ليست بجملة واحدة، إذاً: هذان المثالان يصدقان على الكلمة، إذا أطلقت على الجملة المفيدة أو على الجمل المفيدة، وجاء في الصحيحين: {الكلمة الطيبة صدقة} سبحان الله ونحو ذلك، {وأفضل كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل} وهذا نصف بيت، وأطلق عليه أنه كلمة.
وهذا الإطلاق، قلنا: هذا معنىً لغوي، وهو الأصل في وضعها في لسان العرب، كما تقول: بيت، هذا موضوع وضعاً شخصياً والواضع له العرب، حينئذٍ إذا أطلق لفظ البيت انصرف إلى المعنى المخصوص، كزيد: إذا أطلق لفظ زيد انصرف إلى المعنى الذي وضع له.
كلمة: لَفْظٌ، لها معنىً في لسان العرب، إذا أطلق انصرف إليه، ما هو هذا المعنى؟ الجمل المفيدة، إذاً: مصدقها معنىً أو لفظ؟ مصدق الكلمة، يعني: ما تقع عليه الكلمة، معنىً أو لفظ؟ لفظ؛ لأن إذا قلت: زيد، اسم، مسماه .. هذا الشخص مثلاً، هذا مسمى، الاسم والمسمى، زيد: اسم، مسماه: الشخص الذي تراه، كلمة: هذه اسم، مسماها: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله المراد به لفظه، ألا نبعد إلا الله، المراد به لفظه، ألا كل شيء ما خلا باطل: المراد به لفظه.
إذاً: فمصدق لفظ كلمة: لفظ، وهذا لا مانع منه كما سيأتي معنا.
وهذا الإطلاق لمعنى الكلمة منكر في اصطلاح النحاة، يعني: إذا أطلقه أحد منهم شنعوا عليه، وأنكروا عليه، لماذا؟ لأنه قد استعمل لفظاً يشارك لفظاً عندهم له حقيقة عرفية، والكلمة عند النحاة المراد بها قول مفرد كما سيأتي، وهو حقيقة عرفية خاصة، يعني: ليس هو المعنى الذي وضع له في لسان العرب، فحينئذٍ إذا أطلق لفظ الكلمة مراداً به الجملة، أو الجمل المفيدة صار فيه تلبيس، فإذا فعله فاعل منهم أنكر عليه.
وهذا الإطلاق منكر في اصطلاح النحويين، ولذلك لا يتعرض لذكره في كتبهم بوجه من الوجوه، كما قال ابن مالك في شرح التسهيل، هو نص على هذا رحمه الله، قال: لا يجوز أن يطلق لفظ الكلمة عند النحاة مراداً به الجملة المفيدة، ولكنه خالف هنا في الألفية وقال:
وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمْ: